بعيدا عن التوصيفات التقليدية لمهنة التمريض، كملاك الرحمة، وغيرها من الأوصاف، فإن التمريض مهنة نبيلة وسامية لأنها تخفف آلام الآخرين، لذلك فانها مهنة ورسالة في الوقت نفسه، وأداء هذه الرسالة يتطلب أن تتوافر بمن يتصدى لأدائها شروط من أهمها صفاء النفس والإحساس بالآخرين، والرغبة في تخفيف آلامهم، والقدرة على تقديم الرعاية الجسدية والاجتماعية والنفسية للمريض، بالإضافة الى القدرة على الاتصال، وكذلك القدرة على العمل مع الآخرين، والائتمان على أسرارهم، خاصة وان الممرض يتعامل مع الانسان وهو في لحظات ضعفه ولحظات صفائه، لذلك صارت طبيعة الشخصية من الشروط التي تشترطها الكثير من الجامعات لمن يتقدم لدراسة التمريض فيها.
التمريض هو من أقدم المهن التي عرفها الإنسان لحاجته إليها، ولعدم قدرته على الاستغناء عنها، كما يفعل مع مهن اخرى. وهي من المهن التي تطورت مع تطور الحضارة البشرية، فصارت من العلوم الراقية التي تدرس في أرقى الجامعات، وصار للتمريض تخصصات دقيقة، صار بموجبها الكثير من الممرضين خبراء يعتد برأيهم. ومع التطور البشري صار التمريض مهنة تخضع للمساءلة القانونية. وصار الممرضون يحتلون مواقع قيادية في الجسم الطبي والاكاديمي في كثير من الأحيان.
والتمريض كمهنة هو من مهن الحلقة الوسطى التي تصنع التطور الحضاري للمجتمعات، لانها المهن التي تحول نظريات العلماء الى تطبيقات يعيشها الناس ويتمتعون بفوائدها. ولذلك فان دور الممرض يفوق أهمية دور الطبيب في بعض الأحيان، خاصة في اقسام الطوارئ، وفي سيارات الإسعاف، وفي حالة الأزمات الطبية المفاجئة كالأزمات القلبية، والنزيف.
يضاف إلى ذلك أن الممرض يقضي وقتا أطول مع المريض، وهو الذي يتولى المتابعة الدقيقة والحثيثة لحالة المريض، ولذلك فإنه الممر الآمن للمريض، من خلال تنفيذه للاجراءات التي يحتاجها المريض، فلا طبيب يستطيع العمل بدون ممرض خاصة في المستشفيات، بينما يعمل الممرض أحيانا بدون طبيب.
ولأن الممرض يقضي وقتا طويلا مع المريض، الذي غالبا ما يكون في لحظة ضعف أو لحظة صفاء، لذلك فان الممرض، أكثر ما يكون معرفة بالطبائع البشرية على حقيقتها المجردة. فهل نقرأ يوما كتابا للممرض يحدثنا به عن طبائع البشر من خلال تجربته؟