يجادل الاقتصاديون حول فكرة نجاح التحول الكلي للعملات الرقمية واستخدامها دون الاعتماد على العملات الورقية التي ينطفئ بريقها بظهور العملات الرقمية، والتي سوف تتبناها الحكومات لرصد جميع التحركات النقدية داخل الدولة بمعنى أن الدولة قادرة على مراقبة سلاسل التوريد المالية للشركات والأفراد بكافة عملياتهم من البيع والشراء التي يقومون بها خلال فترة زمنية محددة مما يساعد الحكومات على تقليص التهرب الضريبي وغسل الأموال. وهنا لا بد من تطبيق أقصى درجات الشمول المالي الرقمي للجميع بقدر كاف من المساواة وتوفير البنى التحتي? اللازمة من الكهرباء وشبكة الأنترنت والأجهزة وتعريف الهوية الرقمية ونشر الثقافة المالية والرقمية للمستخدمين وتجنب تحيزات البيانات من أجل التحول للعملات الرقمية بشكل كامل. وبعد ذلك يكون النظام الرقمي فعالاً وقادراً على ترجمة رؤيته البعيدة المدى على كافة المستويات تمهيداً للتداول الفعلي بالعملات الرقمية.
وفي هذا الصدد يأتي مفهوم الرواتب الملونة كمرحلة متقدمة من تبني النظام الرقمي، ويُعرفُ على أنه تجزئة صافي الدخل المتأتي للأفراد والشركات لألوان ذات نطاق واستخدام محدد لإتمام عمليات البيع والشراء بنسب متفاوتة ومشروطة التداول يتم تقسيمها لتلك الغايات. ولتوضيح ذلك فإن استخدام اللون الأبيض يعبر عن نطاق التجارة الدولية العابر للقارات لغايات شراء السلع والخدمات عبر الانترنت والمنصات العالمية. فيما يعبر اللون الأزرق عن نطاق استخدام الدخل في داخل حدود دولة بعينها فقط وذلك لغايات دعم الاقتصاد المحلي. ويأتي اللون الأ?ضر الذي يجسد الإنفاق على الخدمات حيث يتم تحديده مسبقاً من الدولة عبر حجز مبلغ معين من الدخل، وهو غير منوط بالاستخدام والاستهلاك ولا يتم ترصيده فيما بعد تماماً كحزم الإنترنت. ويكون اللون البني محدد جغرافيا لدعم وتطوير المناطق السياحية والزراعية والنائية لضمان توزيع الدخل ووصول التدفقات النقدية. أما اللون الأصفر هو ذلك اللون المتعلق بالترفيه والمطاعم والتجارة. ويبقى اللون الأحمر لونا مؤقتا لتنفيذ سياسة أو غرض معين كالتبرعات ودعم الجمعيات والأنشطة الحكومية وغيرها من المساهمات. إن تقسيم الألوان بهذا الشكل قد ل? يُنشئ تمازجاً ولا يروق للأفراد والمؤسسات ولكنه يكون اقتصاداً ملوناً من خلال قدرة الدول على السيطرة والرقابة المالية الرقمية داخل حدودها وخارجها.
إن تقسيم الرواتب الملونة يعني الدخول القسري للنظام العالمي الموحد مع نوع جديد للحدود الافتراضية لتنفيذ الرؤية العالمية القاضية بأن الإنفاق يتم من خلال الأفراد والمؤسسات ولكن في إطار عام تحدده الدول، أما في حال استنفاذ نطاق الأفراد والمؤسسات لأي لون من الألوان سيكون نظام المقايضة للتبادلات التجارية هو البديل الذي يفرض نفسه. ومن جهة أخرى فإن العديد من الاقتصاديين يجدون أن الرواتب الملونة أمر يصعب تطبيقه في ظل وجود القوانين والأنظمة والديمقراطيات التي تحمي حقوق المواطنين وحرياتهم المالية، مع التحفظ على الشمول?المالي واستخدام التقنيات وتنامي المخاوف بشأن الاختراقات السيبرانية والمخاطر المرتبطة بها.