كل البيانات والدعوات والمحاضرات والتصريحات والتهديدات، وقبلها «الرجاوات»، ذهبت أدراج الرياح، وما يزال «الرصاص يصل الراس».
نتحدث عن الاحتفال بالمناسبات، وقد تحولت أفراح الاردنيين الى أتراح، لأن » الطخ» صار ظاهرة لا تكتمل أعراس التوجيهي وخريجي الجامعات والجاهات لطلب بنت الأصل والفصل، وأعراس الانتخابات النقابية والبلدية والنيابية، إلا بها!.
أن تتحول بيوت الفرح الى بيوت عزاء، من أجل أن يأتي شخص ليفرغ ما في رأسه من هوس وعنجهية واستهتار بأرواح الناس، أو من هو يعاني من مرض اجتماعي في حب الظهور أو يتعاطى مخدرات، ويفرغ كل ما في بطن سلاحه من رصاص، فهذا لا يمكن السكوت عنه، أو معاقبته معاقبة الجاهل أو القاصر، بحيث يعاقب اليوم، ويُِطلق غداً!.
نقول هذا، لأن من يحمل السلاح، هو رجل بالغ راشد، ويفترض أن يكون عاقلاً، ولأن السلاح لا يجوز أن يظل في يد شخص يهدد الأمن المجتمعي، حتى وإن تعرض الى موقف يستفزه في حياته اليومية، وما أكثر الاستفزازات في أيامنا هذه.
ونقول هذا، في حال كان السلاح مرخصاً، ونحن نعلم موجبات الترخيص، ومتى يكون اقتناؤه واستخدامه، وليس أن يكون السلاح في يد كل شخص، وكل الوقت!.
«الطخ» في هذه المناسبات، يجب أن يكون محرّماً، اذ يتطلب الأمر أن يكون لدائرة الافتاء رأي فيه، بعد أن صارت خطورة اطلاق الرصاص حاضرة، وبمثابة شروع بالقتل العمد والتربص، وتهدد أرواح الحضور وهم بالعشرات والمئات، موتاً وإصابات، وليس تعبيراً عن الفرح، فأي فرح بهذا، وهو يقلب أمن وسرور الناس الى هلع ومأساة؟.
واذا كان هناك من يقلب الحقائق، وهو يتشدّق بأن الاحتفال من خلال هذه الرعونة والعنجهية والجاهلية، هي من عاداتنا وتقاليدنا، فهذا التشدق هو التعامي عن كل الذي يحدث من قتلى وجرحى وترويع، ولا يجوز أن يظل ذريعة أنه «القضاء والقدر».
نتمسك بعاداتنا وتقاليدنا التي تجمعنا على المحبة والتواصل والمشاركة في هكذا مناسبات، ولدينا الكثير من حالات بث الفرح دون إطلاق رصاصة واحدة، فتراثنا غني بما نعبّر عنه من مشاعر، وما يكفي إشباع رغبات المحتفلين ويضفي كل معاني البهجة والطمأنينة.
ولا يجوز، أيضاً، أن نظل نطلق المبادرات والوثائق، وهناك من يطلق الرصاص، فتزهق الأرواح البريئة، فلا نجد في نهاياتها سوى «الجاهات والعطوات» وقراءة الفاتحة على روح المرحوم، و» اشربوا قْهوتكوا».. وكأن شيئاً لم يكن!.
صادروا السلاح من كل يد تطلق الرصاص في هذه المناسبات، ولأننا لسنا على جبهات القتال، فالقتلى والجرحى منا، بفعل أيدينا.