خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الرسائل الملكية في المقابلة الصحفية مع الرأي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. جواد العناني هذه مقالة تحليلية للمقابلة الشاملة التي أجراها د. خالد الشقران، رئيس تحرير صحيفة الرأي، مع جلالة الملك عبدالله الثاني، والتي نشرت صباح يوم الأحد الموافق 24/تموز/2022، ولن أكرر فيها ما قاله الملك ولكن سأضع فيها خلاصة استنتاجاتي عن تلك المقابلة وأهميتها، مُركِّزاً على الجانب الاقتصادي التنموي من ناحية ومُستذكراً الجوانب السياسية والإدارية التي تصب في الموضوع الاقتصادي وتتمازج معه كيماوياً.

بالعربي الفصيح، تحديث الأردن يعني الانتقال به إلى دولة مدنية ديمقراطية، تحكم فيها بالأغلبية من خلال مجلس نواب فاعل، اختاره ناخبون فاعلون، وتشكل بسببهم مجلس وزراء فاعل، وليس في هذا انكار لدور العشيرة، ولكن تغيير في ذلك الدور من مؤسسة تقوم بدور الأحزاب إلى مؤسسة اجتماعية ثقافية تعاونية.

لا يستطيع الأردن أن يستمر دولة رعوية، بل يحل مكان هذا كله نظام شامل عادل، تنظمه القانون النابع من الدستور، ويوزع على المستحقين بكفاءة وفي المجتمع الرعوي يتوقع الناس أن يأتيهم نصيب من الغنائم والأرباح لمجرد إعلان الولاء، وينسون أن مقابل خارطة توزيع المكاسب خارطة أخرى لتوزيع المغارم، ووفق النظام الحزبي يجري التركيز على الاثنين بحيث يساهم الكل في الدفع للخزينة حسب القانون، ويقبض من الدولة، استحقاقاته حسب القانون كذلك، بدون وساطة، او تغول، او تنمر، أو غير ذلك.

صحيح أن الدولة الأردنية ما تزال تعتمد على المساعدات التي تُشكِّل في المعدل ما يقارب 20% من الموازنة العامة، ولكن ينسون أن الثمانين في المائة الباقية تأتي من الضرائب.

الكل يساهم حسب ما هو مطلوب منه وأكثر، والكل يأخذ بما يستحقه حتى لا يكون هناك ظلم ولا فقر، وما دام الأمر كذلك يحق للشعب أن يقول "لا ضرائب بدون تمثيل"، وحيث أن الملك يؤمن بهذا، ويؤكد عليه، فنحن معه ماضون نحو ذلك.

فالتحديث في الإدارة يعني الا واسطة، ولا محسوبية، ولا رشوة، ولا تعصب، فالكل سواء أمام القانون فيما لهم، وما عليهم.

وللتحديث مسارات ثلاث هي: السياسة، والاقتصاد، والإدارة، وثلاثتها مترابط مع بعضها البعض، وتشكل منظومة واحدة لا بد ان تدعم بالتربية، والتعليم، والثقافة، والحاكمية هي النهضة العربية الكبرى المتجسدة في ثورتها، ولكنها ليست ثورة الآن، بل هي حركة إصلاحية شاملة تبدأ من الشعب مصدر السلطات.

ولكن التحديث يواجه أزمة تتمثل في الفجوة بين ما يقوله بعض المسؤولون وما يصدقه الشعب، فالناس لم يكونوا ضد المحاولات السابقة للاصلاح، خاصة إبان عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، ولكنهم بعدما قبلوها لم يعرفوا اسباب طيها في غياهب النسيان. لإبقاء الوضع الحالي على حاله، ويحزن هذا الأمر جلالة الملك خاصة وأن التشكيك يأتي مما يُسَمّيها جلالته "الصالونات السياسية"، وفي تقديري أن هذه الصالونات في معظمها تتشكل من الذين كانوا في العمل العام، المدني منه والعسكري، ومنهم الحردان لأنهم "نسوه" كما يقول، وآخر غضبان لأن شاباً سر? منه الأضواء، أو لأن وضعه الاقتصادي والمالي صعب، ويريد أن يستمر في الألقاب كما كان، ومنهم نفر يسوا بالقليلين من الغيورين على الوطن، ويحبون رفعته ومنعته.

هؤلاء يشعرون بالتهميش، والقلة منهم من يجد نشاطاً يجعله يشعر بالاكتفاء، ولذلك يسعى للعودة إلى صفوف صنع القرار، الملك يريد أن يقول لهؤلاء أياً كان عندكم طاقة فائضة، فلتكن طاقة ايجابية، اعملوا مع الشباب، وارعوهم وساعدوهم.

وبافتراض اننا وضعنا أفضل الخطط والاستراتيجيات، فهل هذا يكفي؟ الحكومات بأجهزتها المختلفة تعاني بالطبع هناك موظفون ممتازون، وخبراء مبدعون، ولكن أيضاً هنالك حاسدون مرتشون، وهنالك من لا يهم ولو جمعنا الطاقة الايجابية مع الطاقة السلبية فسنخرج بنتيجة أن طاقة العمل العام في الأردن ستكون صفراً في محصلتها إن لم تكن دون ذلك. والشعب يدفع للموظفين حوالي (500) مليون دينار شهرياً على الأقل، هذا عدا عن مصاريف السفر، والتنقل، والورق، والكهرباء، والماء والصرف، والصيانة، والأثاث واللوازم الأخرى؟ فهل تقدم الحكومات خدمات تساو? قيمتها الصافية (6) مليار دينار في السنة؟.

إذن هذا حال لا يمكن السكوت عليه، وجلالته يعلم حجم الكفاءة بين من لا يستطيعون العمل في الدوائر والوزارات بسبب الواسطة والمحسوبية وكذلك الترقيات والترفيعات تشوبها بعض الاخطاء والاخطاء هنا لا تعني تبادل المال بالمنافع، بل العصبية للعشيرة، أو العائلة أو المدينة أو المحافظة، أو الصداقة، او المقايضة "حكلي لاحكلك"، كما تقول الكلمة الدارجة.

فالتحديث الاداري، وادخال الأنظمة والفورمات المتميزة بالعمل عن القرابة والعصبية هي البديل وهي الحكومة الالكترونية، والتي ما يزال تطبيقها قاصرا جدا، ولا ينفع هذا النظام الا عند دفع الفواتير ولكنه مُعوَّق ومكلف في حالة انجاز المعاملات باستثناء دائرة الأحوال المدنية والجوازات خاصة.

واستقراءً لما قاله جلالة الملك، فإن الأردن يجب ان يتضافر مع الوطن العربي لتحقيق المشروعات العابرة للأقطار العربية من أجل أن يستفيد الأردن من طاقاته الايجابية غير المُستثمرة، ومن موقعه الجيوسياسي المتميز، ولو نفذت هذه المشروعات، فإن الأردن المتوافق مع أمته، رغم كل ما يُقال يريد استقراراً في سوريا، والعراق، وحلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، وهي كلها على حدودنا، ويريد لجيراننا في الخليج أن يتفقوا لأن الخلاف بينهم ينطوي على ضغوط علينا، ويريد حل مشكلات اليمن وليبيا، والصومال والسودان، ولكي يحدث هذا كله، يجب أن نت?اون مع الدول الكبرى في الإقليم (إيران خاصة وتركيا)، وفي العالم (الولايات المتحدة، والصين وروسيا، والاتحاد الأوروبي واليابان).

وفي نفس الوقت علينا أن نكون جاهزين لمواجهة التحديات المشوشة لبرامجنا، فالرؤية الاقتصادية (2023-2033)، لا يمكن إلاّ أن تتأثر بأزمة التزويد العالمي، وبأزمة النقد العالمية، وبالحرب الأوكرانية، وبالجفاف العالمي ونقص المياه وارتفاع كلف الطاقة وتدهور البيئة وارتفاع درجات الحرارة، ما الذي يجب ان نفعله لكي نوفق بين التحديات والمستجدات والطوارئ والتصدي لآثارها السلبية من ناحية، والحفاظ على وحدة وصوابية مشروع الرؤية الاقتصادية.

ويزيد الامر تعقيدا ما قرأناه في صحف يوم امس تزامناً مع نشر اللقاء الملكي مع صحيفة الرأي، وما قرأناه هو خبران عبر مسارين. الأول يقول ان نصف الأردنيين يفضلون الهجرة وان ثلثي هؤلاء هم من الشباب، والخبر الثاني أن (59%) من العاملين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، اي انهم غير مسجلين ويستبعد ان يكونوا مستفيدين من الضمان او التقاعد او الحد الادنى من الاجور او انهم يدفعون اي ضرائب.

وقد كنت اثرت هذه النقطة في لقاء مع البنك الدولي للتعليق على تقريرهم الاقتصادي الممتاز عن الاردن، ولكن عودة الى الخبرين لقد جعل هذا الخبران مقابلة جلالة الملك وتوقيتها في غاية التوفيق لانها المقابلة سعت نحو تعزيز الثقة بالاردن، وبقدرته على حماية الوطن، وتأمين الامن والسلام والحياة الكريمة لمواطنيه والارتقاء بالاردن نحو الحداثة ومزيد من المدنية.

وآخر ملاحظاتي هو السؤال التالي: اذا كانت امورنا واجتهادا مما قاله جلالة الملك بهذا التعقيد، فهل تقدر التركيبة الادارية الحالية على حمل تلك المسؤوليات الصعبة والمتطلبة لقدر كبير من الدقة العلمية، والادارة الذكية، والبراعة الدبلوماسية؟ ولعلني اكاد اجرؤ على القول اننا بحاجة الى حكومتين، حكومة من وزراء دولة (وزراء مهنيون) لادارة شؤون الدولة اليومية ووزراء سياسيين وظيفتها ضمان تطبيق السياسات الاستراتيجية للدولة، والتفاعل مع النواب والناس، والخارج لضمان تحقيق المصالح العليا للاردن واستقرار اوضاعه، ولكن البعض قد ?جد في هذا المقترح غير مهضوم لديهم.

نحن بحاجة الى الذكاء والخبرة والقدرة على المناورة والحوار مع الناس، نريد حكومات متمتعة بهذه المَلَكات، آن الأوان أن نبدأ العملية التحديثية من حيث يجب أن تبدأ.. حسب اختيار المسؤولين عن تنفيذ برامجها، والا، فان عشر سنوات ستمر لنكتشف ان الزمان يمر اسرع مما نتصور وان الفرص كالقطارات لا تقف حتى حان حركتها انتظارا لأحد.

جرعة الامل التي اعطانا اياها جلالته بحاجة الى جرعة من الاجراءات السريعة والفعالة اذا اردنا لمصداقية التوجه ان تكون مصدقة عند الاردنيين فيفكرون في البقاء فيه ويعملون في اشغال رسمية قانونية بدلاً من العمل في ظلال الاقتصاد غير الرسمي، وثقتي بجلالته وولي عهده، ليس لها حدود.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF