كتاب

تحالف البطاطا مع الطحين.. في مواجهة نقص القمح

يظهر أن نتائج الحرب «الروسية الاوكرانية» بدأت ترمي بظلالها على العديد من الدول وتهدد بالصميم امنها الغذائي والاقتصادي، وهذا ما نلمسه من التوجهات والأجراءات التي اتخذتها عدد من الدول وتحديدا الشقيقة مصر التي اعلن وزير تموينها بالامس عن توجه بلاده لخلط البطاطا مع الطحين لمواجهة نقص المخزون المتوقع لديهم، فأين نحن مما يدور في العالم؟ وهل حساباتنا دقيقية بهذا الشأن؟.

المخزون لدينا وبحسب التصريحات الحكومية والمستندة الى واقع الكميات الموجودة في صوامعنا والمتعاقد عليها مبشر ويدعو الى الاطمئنان، مدعوما باجراءات تعمل على ضبط الاستهلاك وترشيد استخداماته خشية استمرار الحرب الروسية الاوكرانية لأعوام قادمة بالاضافة الى المتغيرات المناخية التي اصابت الكثير من الدول المنتجة بالجفاف، والاهم من هذا كله حالة التسابق ما بين الدول على تأمين هذه السلعة الحساسة ما دفع الى ارتفاع اسعارها، وكل هذه الاسباب تدعونا الى الاطمئنان بشكل حذر.

ما يقلقني هو أن هناك افراطا في الاطمئنان حول كميات المخزون لدينا وهذا ما نلمسه وبشكل يومي من خلال ثبات حجم الاستهلاك اليومي من هذه السلعة الرئيسية، ومن هنا لا بد من التساؤل عن حسابتنا لهذه السلعة التي يجب علينا ان نبدأ سريعا في ضبط استهلاكها وترشيدها من خلال حملات التوعية واشراك المستهلكين ووضعهم في صورة ما يدور في العالم من تعقيدات في الانتاج وسلاسل التوريد وارتفاع اسعارها، لضمان مضاعفة الفترة الزمنية للمخزون او ابقائه اكثر فترة ممكنة فلا احد في الدنيا بات يتوقع أو يتنبأ بما قد يحدث غدا في ضوء التسارعات و?لمتغيرات الكثيرة.

مخزوننا من القمح يكفي لمدة 8 شهور يضاف اليها كميات التعاقد وتصل الى 13 شهرا ومخزوننا من الشعير يكفي لـ5 أشهر على الأقل ولدينا قدرة على تخزين 750 ألف طن في الصوامع» إضافة إلى «750 ألف طن ضمن المستوعبات الأرضية» بقدرة تخزينية إجمالية تكفي لـ17-18 شهرا ونستهلك شهريا 90 ألف طن من القمح الذي نستورد ما يقارب 95% من احتياجاتنا منه من الخارج وتبلغ فاتورة استيراده ما يقارب 1.1 مليار قبل ارتفاع اسعاره بمعدل 50% اي ان فاتورة الاستيراد من هذه المادة سيصل الى 2.5 مليار خلال الفترة المقبلة، الامر الذي يستوجب علينا خلال ?لفترة المقبلة مضاعفة فترة الاكتفاء من المخزون بضبط الاستهلاك وترشيده وهذا سبيلنا الوحيد لنتجنب ارتفاع اسعاره وضعف انتاجه عالميا.

اليوم.. نحن أمام العديد من الخيارات ابسطها وأكثرها سهولة ان نبقى مفرطين في الاطمئنان، وأن يبقى استهلاكنا من الطحين ومشتقاته عند نفس معدلات الهدر التي يعلمها الجميع نتيجة الاستخدامات الخاطئة، وأما الخيار الاصعب والذي يجب ان نذهب اليه سريعا واعادة حساباتنا وبنائها على احتمالات صعبة وخطيرة متمثلة في استمرار الحرب الروسية الاوكرانية لفترات اطول واستمرار التغيرات المناخية وتأثيرها على الانتاج وارتفاع اسعار القمح عالميا لحدود لا نستطيع حينها ان نقاوم انعكاساتها على الأسعار محلياً.