لا شك أن الجزء الأكبر من الطريق الصحراوي، بعد أن تمت إعادة تأهيله، يعد مُنجَزاً مهماً، والسير فيه مريح وآمن. لكن الجزء الممتد من منطقة معان تقريباً إلى ما بعد وادي رم بقليل، بحاجة إما إلى صيانة شاملة أو إعادة تأهيل، وينطوي على مخاطر عدة نحن بغنى عنها.
وكون الطريق طريقاً دولياً، إضافة إلى أنها تمثل أحد الشرايين الرئيسة في المملكة، وبالذات لكل من يقصد العقبة أو وادي رم، لا بد من إعطاء إعادة تأهيلها أولوية بهدف تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، والتي هي على قدر كبير من الأهمية للاقتصاد الوطني، إضافة إلى ضمان راحة مرتاد الطريق الحيوي هذه وأمنه وسلامته.
من هنا، فالمأمول أن يتم التّنبه لها بأسرع ما يمكن ويبدأ العمل.
لكن، إضافة إلى وضع الطريق السيئ، هنالك ظاهرة غريبة تحدث فيها، تزيد من أرق مرتاديها وتُعرض سلامتهم للخطر، ونقصد بذلك قيام معظم السيارات الكبرى (الشاحنات) بسلوك المسرب الأيسر.
المفترض أن تلك السيارات المُحمّلة حمولة كاملة والتي تسير ببطء شديد أن تسلك المسرب الأيمن، والمخصص عادة للشاحنات الكبيرة أو السيارات التي تسير ببطء، ويُترك المسرب الأيسر للسيارات الأصغر والأسرع. وهذا ما يتم في معظم الدول، وما يتم في الجزء المُؤهل من الطريق نفسها.
لكن هذا الأمر، مع الأسف الشديد، يُخالَف مخالفات صارخة في الجزء المشار إليه من الطريق.
لا نتحدث هنا عن عدد محدود من السيارات تمارس هذه الممارسة الخاطئة والخطيرة، لكن عن قيام معظم السيارات الكبيرة بهذا التصرف غير المفهوم والمخالف للقواعد والأصول.
عندما ناقشت الأمر مع عدد من الأصدقاء بعد رحلة قمنا بها للعقبة على هذا الطريق الأسبوع قبل الماضي، ذكر بعضهم أن السيارات تلك تفعل ذلك لأن المسرب الأيسر أفضل حالاً من الأيمن.
"هل هذا يعني أن يترك المسرب الخَرِب للسيارات الصغيرة السّريعة؟!!» قال أحدهم. «لا منطق هنا!».
الإشكال يكمن هنا ليس في أن الأمر مُخالِف لأبسط قواعد السير، وهذا أمر مهم بالطبع؛ بل لأنه يُسبب الإرباك الشديد لمستخدمي الطريق من أصحاب السيارات الصغيرة، وبالذات الذين يسلكون الطريق لأول مرة. يصابون بحيرة: هل يسيرون خلف الشاحنات والتي تسير بسرعة أبطأ بكثير من السرعة المقررة، أم يتجاوزون من جهة اليمين، أم ماذا؟
نُكرّر أننا لا نتحدث عن حالات شاذة هنا وهنالك، بل عن قيام معظم السيارات الكبرى بممارسة هذه الظاهرة، وهي كثيرة العدد.
والواضح أنها تفعل ذلك بكل أريحية وجرأة وطمأنينة، وكأن لا حسيب ولا رقيب.
نُقدّر عالياً الدور الذي يقوم به النشامى رجال المرور، وبالذات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار طول الطريق؛ لكننا نتحدث هنا عن جزء محدود منها ومحصور ومعروف، والذي يجب أن يُعطى الأولوية في الرقابة عليه.
الحقيقة أن هذه الظاهرة غريبة وعجيبة وخطيرة؛ ومن هنا وجب أخذ إجراء سريع وحاسم لمنع مثل هذه الممارسة، إلى أن يتم إصلاح الطريق لتكون مثل الجزء الأكبر منها: على جودة عالية وآمنة ومنظمة ومريحة.