مر الاْردن بفترات صعبة كثيرة، ومر أيضاً بفترات راحة ورفاه لكن بالمقاييس كانت المصاعب والأزمات أكثر عدداً وأطول أمداً، وصعوبتها تكمن في أنها مستوردة ومفروضة لكن ظل للاستقلال قيمته المتجـددة، والاحتفال به يعيد إلى الأذهان معاني السيادة والدول تتخذ منه مناسبة للإنتاج والسعي للازدهار وتوطين الثروة وتحقيق الازدهار والمنعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية خلافاً لما كان يفعله الاستعمار بسلب السيادة ونهب الثروات وزيادة التخلف والضعف والهوان. منذ الاستقلال والأردن يواجه تحديات متعددة تجاوز معظمها بالتناقض معها، فتجاوز حدوده الجغرافية المعقدة بالانفتاح على العالم وواجه موارده المادية المحدودة بقواه البشرية وكان الانفتاح والتحرر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحل.
سينتقل الأردن من إدارة الأزمات التي فرضت عليه كطريقة للنجاة من كل التحديات التي مرت على مدى العقود السابقة الى التخطيط قصير وبعيد الأمد أو بمعنى آخر من الدفاع إلى الهجوم في ظل منافسة محمومة على مستوى المنطقة والعالم، فها هي دول الخليج تتخفف من الاعتماد على النفط كثروة رئيسية إلى التنوع الاقتصادي وتعدد الموارد حتى الدول التي كانت محافظة بدأت تطرق باب السياحة والصناعة فخففت قيوداً كثيرة وفتحت أبوابها للزوار من كل صوب وحدب.
هذا البلد يستحق فرصة للتخطيط المركزي طويل الأجل كما تفعل الدول، ويستحق أن يلتقط ثمار التنمية ويهنأ بالراحة بعد شد وجذب في التعامل مع أحداث وتقلبات ومفاجآت في بيئة لا تخضع للتوقعات.
الاْردن بلد صغير وفتي وفق مقاييس أعمار الدول الحديثة لكنه يستيقظ كل يوم على أزمات معظمها مستورد بعضها يعرقل نموه لكن كلها تزيده صلابة ومنعه وخبرة.
دول كثيرة في المنطقة فقدت سيادتها الوطنية وبعضها فقد ما هو أكثر وأغلى من الثروات فقد السيادة والقرار السياسي وأعدادا كبيرة من قواه البشرية هم إما ضحايا حروب أو هجرات ولجوء.
الاستقلال الوطني ثمين ويجب أن يبقى راسخاً في ظل قيادة مستنيرة وشعب متحفز فأمامنا تحـديات اقتصادية ومخاطر سياسية ومشـاكل اجتماعية تحتاج لأن نعمل بجد رغم الألغام الكثيرة، لكن الفرص كبيرة.
[email protected]