كتاب

الورشة الاقتصادية الوطنية.. هل نستثمر الفرصة؟ 

وفرت ورشة العمل الاقتصادية الوطنية، التي استضافها بمبادرة ملكية، الديوان الملكي، منصة لالتقاء الشركاء في الملف الاقتصادي، للوقوف على التحديات التي تعيق الوصول إلى النمو المرغوب والخروج باستراتيجية ضمن مؤشرات قياس تتحقق في السنوات العشر المقبلة.

وتميزت الورشة بتشاركية فاعلة استمعت خلالها الحكومة، ممثلة بالوزراء والأمناء العامين لملاحظات القطاع الخاص حول منظومة التشريعات والإجراءات النافذة، وأفضل الممارسات العالمية لضمان إطلاق طاقات الاقتصاد الوطني وصولا إلى نمو منتج يضمن جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات والإيرادات المحلية ويسهم بالتالي في زيادة مستوى رفاه المواطنين.

وينتظر أن تخرج اللجان القطاعية، التي تواصل اجتماعاتها خلال شهر رمضان المبارك، برؤية مستقبلية وخارطة طريق استراتيجية محددة ومتكاملة وقابلة للتنفيذ، تحدد محركات النمو والأولويات التي تحقق التنمية الاقتصادية على المستويين الجزئي والكلي.

وأهم ما ميز اجتماعات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية أنها تعد فرصة محورية للوقوف على التحديات، بعد سلسلة من الصدمات الخارجية التي تعرض لها الاقتصاد الوطني، بدءا من الأزمة المالية العالمية في عام 2008، مرورا بتداعيات الربيع العربي ووصولا إلى أزمة جائحة كورونا، بمشاركة القطاع الخاص المحرك الرئيس للنمو والمولد لفرص العمل، والحكومة التي تنظم وتشرف وتوفر البنية التحتية والتشريعية لعمل القطاع الخاص.

وعرضت الوزارات المشاركة في الاجتماعات خططها الاستراتيجية واستمعت إلى ملاحظات حولها لضمان انسجام هذه الخطط مع الرؤية الاقتصادية والخطة الاستراتيجية العابرة للحكومات من ناحية، وتواكب احتياجات السوق المحلية ومتطلبات الأسواق التصديرية، سواء ما يتعلق منها بالسلع أم بالخدمات من ناحية أخرى.

واتسم الحوار بالتشاركية والتفاعل البناء الذي وفر مساحة متساوية للجميع في التأشير إلى مواطن الخلل وطرق العلاج على المدى القصير والمتوسط والبعيد؛ فكانت الحكومة تصغي باهتمام إلى ملاحظات القطاع الخاص صاحب الخبرة والتجربة الميدانية، والمطل على التجارب الاقليمية والعالمية والقادر على جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل وفتح اسواق تصديرية جديدة وتعزيز الحضور في الاسواق الحالية، وسط إدارة حصيفة ومنتجة لميسري الجلسات النقاشية لتوفر مدخلات الخطة الاستراتيجية التي سيتم الإعلان عنها قريبا.

ولضمان استثمار الفرصة والخروج بخطة محكمة، فإن الحكومة تعي تماما أهمية ان تسهم جميع الأطراف في مناقشات معمقة لصياغة استراتيجية عابرة للحكومات يكون للقطاع الخاص، الشريك الفاعل في تنفيذ الخطط الاستراتيجية التي تحقق الأهداف الاقتصادية للدولة الأردنية، دور فيها، وذلك إلى جانب منظمات المجتمع المحلي من جمعيات مهنية وغرف صناعة وتجارة.

وما ميز المناقشات، هو البناء التراكمي للملاحظات التي تعالج مشكلات القطاعات الفرعية وربطها مع التحديات التي تواجه الاقتصاد الكلي، بعيدا عن المصلحة الخاصة بكل قطاع، وذلك لتوفير مدخلات لضمان نجاح صياغة الخطة الاستراتيجية وتحقيق الرؤية الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة.

اطلاق المبادرة الملكية، لجمع الأطراف الفاعلة في النشاطات الاقتصادية من حكومة وقطاع خاص ومنظمات مجتمع مدني، إلى طاولة الحوار، يعد من الممارسات الفضلى في النقاش والاستماع لآراء مختلف أصحاب المصالح، وتشخيص المشكلات ومواجهة التحديات لتحقيق الاهداف الوطنية في التنمية الاقتصادية المستدامة.

إن وضع مخرجات الورشة بصيغة رؤية اقتصادية وخارطة طريق هي تتويج لجهود جميع المشاركين في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد الأردني، تمكن البرلمان من القيام بدوره الرقابي في المساءلة عن تنفيذ الخطة الاستراتيجية العابرة للحكومات وتمكن الأحزاب العاملة والتي قيد التأسيس من بناء برامجها التي تحقق الاهداف الاقتصادية الوطنية الواردة في الخطة الاستراتيجية.

الفرصة متاحة الآن لتطوير الأدوات التي تضمن تحقيق التنمية الاقتصادية وأن يتحمل الجميع مسؤوليته، فهل ستعبرها الحكومة وحدها ام تتعاون مع القطاع الخاص؟.