كتاب

«الفوترة».. سلاح محرم محلياً فهل ينجح؟

نظام الفوترة ليس بدعة محلية بقدر ما هو نظام مطبق في مختلف دول العالم، يستخدم في مكافحة التهرب الضريبي من قبل مزودي الخدمة، بالإضافة إلى أنه يضمن تقديم الحوافز للملتزمين في تقديمها بشكل دوري للجهات المتخصصة بهذا المجال.

اعتدنا خلال السنوات الماضية على وجود تيار عكسي يقف ضد تطبيق هذا النظام ويسعى الى تشويهه وتصويره على أنه من المحرمات شعبيا، لأنه يتعارض مع مصالحهم وأهدافهم في التهرب من الضريبة وتحديدا «ضريبة الدخل» وخاصة في القطاعات الخدمية التي لا تتقدم بمعلومات حقيقية عن دخولها الشهرية والسنوية، بالرغم من تحقيقها لأرقام فلكية وكبيرة جراء أعمالها اليومية وتقديمها الخدمات للمتلقين من المواطنين.

الحكومة استطاعت ومن خلال دائرة ضريبة الدخل والمبيعات مؤخرا، اصدار نظام فوترة متطور مربوط بحوافز وجوائز تحفيزية للمتقدمين بالفواتير الكترونيا، وهذا الاجراء سيساهم إلى حد كبير في إرباك المتهربين ضريبيا فلا يستطيعون اللعب في الفواتير المقدمة من خلالهم أثناء عمليات تقديم القرارات الضريبية، ما سيحقق فؤائد كثيرة أبرزها ارتفاع الايراد الضريبي من هؤلاء المتهربين وانعكاسها ايجابيا على متلقي الخدمة الذين سيحصلون على مزايا وحوافز ضريبية قد تخصم من ضريبة الدخل المترتبة عليهم سنويا، وفي كلتا الحالتين لا متضرر من هذا ال?جراء سوى هؤلاء الذي قضوا عقوداً من الزمن يتهربون ويسلبون الخزينة ويضاعفون أرباحهم بكل جشع.

نظام الفوترة في الدول التي تطبقه عالميا يكون بإلزام مزود الخدمة في القطاعات المختلفة الطبية والهندسية والقانونية والورش وغيرها من القطاعات والتي يعتقد أنها تتهرب من دفع ضريبة الدخل بتزويد متلقي الخدمة بفاتورة بيع تشير إلى المبلغ الذي تم تقاضيه بدل الخدمة المقدمة يقوم بعدها متلقي الخدمة بتزويدها إلى دائرة ضريبة الدخل من خلال نظام محوسب ورمز إلكتروني يتم احتسابها له كنقاط إعفاء تحفيزية ومن هنا فإن مزود الخدمة حينها لا يستطيع التهرب خشية عدم تطابق الفواتير التي زودت بها دائرة الضريبة بالفواتير التي لديه أو تل?عب بها مما يعرضه للمساءلة القانونية، ومن هنا على الحكومة أن تسارع في تنفيذ هذا التوجه كونها تعاني عجزاً كبيراً في الموازنة وتشوهاً أكبر في عمليات دفع ضريبة الدخل والتهرب منها.

دراسات كثيرة تشير إلى أن حجم التهرب الضريبي في الأردن يتجاوز المليار دولار أي بما يعادل 700 مليون دينار منها 200 مليون دينار تهرب من ضريبة الدخل والأرباح و 495 مليونا تهرب من ضريبة المبيعات، وهذا رقم كبير إن صحت الدراسات ويمكن للدولة أن توجهه في حال احسنت تحصيله إلى مشاريع تنموية توفر فرص العمل وتساهم في الحد من الفقر والبطالة.

ختاما، تطبيق نظام الفوترة شيء عصري وحديث وقادر على ضبط التهرب الضريبي وربما الحد منه إلى نسب عالية ويحتاج إلى جدية في أمرين أولهما إلزامية تقديم الفاتورة من قبل مختلف القطاعات والنشاطات مهما كان حجمها وبمجرد أنها تقدم خدمة مقابل ثمن، وثانيها جدية أكثر في تطبيق الحوافز والجوائز والمزايا لمزود تلك الفواتير لدائرة ضريبة الدخل، دون أي تراجع فتعمم لتجربة وتصبح عملية الحصول على الفاتورة جزءاً من ثقافة المستهلك.