كتاب

رفع الفائدة.. المبررات والأهداف منه؟

اتخاذ قرار من قبل البنك المركزي برفع نسب الفائدة بواقع 25 نقطة، كان لابد منه لإبقاء الاقتصاد الوطني في منأى عن المتغيرات والمؤثرات التي تعصف في الاقتصاديات العالمية، ودعما لعملتنا الوطنية لتبقى ضمن مصافي العملات الأكثر قوة على مستوى العالم أمام الدولار الأميركي والمحافظة على جاذبية الدينار في استقطاب الودائع.

قرار رفع الفائدة لم يؤخذ من قبل المركزي لمجرد أن الفدرالي الأميركي اتخذ قراراً برفعها بالرغم من ارتباط دينارنا بالصرف مقابل الدولار الأميركي، بقدر ما كان قراراً استراتيجياً ومحورياً سيساهم في صمود اقتصادنا وملاءته المالية أمام الجنون الذي أصاب مختلف الاقتصاديات، ما أدى إلى ارتفاع الاسعار بمختلف أصنافها، وتسبب في ارتفاع معدلات التضخم إلى معدلات غير مسبوقة عالميا، ما يجعل من اتخاذنا خطوات تحصينية أمراً مهماً لإبقاء معدلات الاقتصاد عند نفس المنحنيات الايجابية التي بدأ اقتصادنا بتحقيقها على مدار الشهور الماضية?

قرار رفع الفائدة من قبل المركزي الأردني جاء في ضوء مبررات عديدة أبرزها، استمرار ارتفاع الضغوط التضخمية العالمية بشكل أكبر من المتوقع، والذي دفعته الحرب الروسية الاوكرانية والتي أدت إلى حالة جديدة من عدم اليقين في الآفاق الاقتصادية، واختلال في سلاسل التوريد في العالم، وتصاعد الضغوط التضخمية العالمية، إذ سجلت أسعار الغذاء عالمياً ارتفاعاً قياسياً في شباط 2022 بنسبة بلغت 20.7% على أساس سنوي، هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط عالميا، وبالإضافة إلى استجابة الدول المجاورة التي ترتبط عملاتها بسعر صرف ثابت مع ال?ولار الأميركي، وعلى الأخص دول مجلس التعاون الخليجي، للمحافظة على جاذبية الدينار والبيئة الاستثمارية الجاذبة، فضلًا عن المحافظة على حجم حوالات العاملين.

لا يمكن للأردن أن ينأى بنفسه عن هذه التطورات، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد الأردني ضغوطاً تضخمية، نتيجة للارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية، والمعادن، والطاقة (النفط والغاز)، وانعكاس ذلك على التضخم المستورد في المملكة، ولمواجهة هذه الضغوط التضخمية، فإن الأمر يتطلب من البنك المركزي القيام برفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، وذلك للمحافظة على تحقيق هدف الاستقرار النقدي في المملكة، متمثلًا باستقرار صرف الدينار الأردني واستقرار المستوى العام للأسعار، بالإضافة الى زيادة جاذبية الدينار مقابل العمل?ت الأخرى، وخاصة وأن معدل التضخم قد بلغ 2.5% في كانون الثاني 2022.

البنك المركزي ولأجل التخفيف من آثار رفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، سيواصل دوره في دعم الاقتصاد الكلي من خلال استمراره في توفير التمويل الميسر للأنشطة الاقتصادية من خلال نوافذه التمويلية وتوسيع اعتماد تجارة الجملة للسلع من النافذة التمويلية، وهذا الموضوع مهم لأنه يتعلق بتأمين احتياجات البلد من السلع الرئيسية وتوفير تمويل للمستوردين بأسعار فائدة ميسرة، بالإضافة إلى أن الاستمرار في العمل بالنوافذ التمويلية المدعومة اجراء مهم لاستدامة العملية الانتاجية للعديد من القطاعات.

في الختام، البنك المركزي وفي كافة قراراته التي اتخذها سابقا والتي كان لها دور كبير في متانة اقتصادنا وقوة دينارنا وصلابة قدرتنا على مواجه التحديات، تجعله محط ثقة كبيرة في القرارات المستقبلية التي اتخذها وسيتخذها ومنبع أمان للمستثمرين ورجال الأعمال والمواطنين في استمرار اقتصادنا في تحقيق مزيد من المؤشرات الايجابية، فالمركزي أثبت خلال السنوات الماضية أنه السند الرئيسي لاقتصادنا في مواجة العاتيات.