مع الارتفاع الجنوني والمستعر للنفط خلال الايام الماضية، وتزامناً مع الحرب الروسية الاوكرانية، لا بد من البدء بوضع التصورات والمتغيرات التي ستؤثر وبشكل مباشر وغير مباشر على اسواقنا المحلية وبمختلف القطاعات والمجالات فنحن جزء من العالم.
الكل يعلم مدى التداخل الكبير للنفط وتأثيره المباشر على مختلف القطاعات الاقتصادية، سواء بالانخفاض او بالارتفاع، وكما يعتبر من أهم عناصر الانتاج والتشغيل ومن أكثرها احتساباً في الكلف النهائية لمختلف المنتجات لارتباطه ايضا بعمليات النقل والانتاج، الامر الذي يجعل من ارتفاعه بهذا الشكل الكبير يؤثر على قائمة الاسعار لمختلف المنتجات العالمية والمحلية وينعكس على سلة الاستهلاك النهائية للمستهلكين بمختلف شرائحهم.
المحروقات ومنذ الربع الأخير من العام الماضي تشهد ارتفاعات عالمية، غير أن الحكومة استطاعت ومن خلال قرارات اتخذت تباعاً وعلى مدار الخمسة أشهر الماضية بتثبيت أسعارها وعدم رفعها على المستهلكين في محاولة منها للتخفيف على المواطنين وعدم رفع الكاز والسولار تحديدا في فصل الشتاء، ما تسبب في ضياع ما يقارب 100 مليون دينار على الخزينة فروقات اسعار التثبيت الذي شهده سوق المحروقات.
الارتفاع الكبير الذي طرأ على اسعار المحروقات عالميا نتيجة ارتفاع النفط الى مستويات كبيرة وصلت حدود 140 دولارا للبرميل بسبب الحرب، ما اثر على اسعار مختلف المشتقات الاخرى من بنزين وسولار وكاز، تجعل الحكومة اليوم امام خيارين احلاهما مر، وهما اما تثبيت الاسعار للمرة السادسة، لضمان عدم تأثر الاقتصاد والمستهلكين بشكل مباشر جراء هذه الارتفاعات، وتحمل مبالغ مالية كبيرة ضعف ما تحملته في الاشهر الماضية وهذا ما لا تسمح فيه الموازنة وظروفها الصعبة نتيجة العجز المالي الكبير، بالاضافة الى خططها في اقامة المشاريع الكبرى ?لمعنية بالبنية التحتية وما خصص لها.
وأما الخيار الثاني فيكمن في رفع أسعار المحروقات وفق الاسعار العالمية، وهذا ما سيضيف اعباء على الاقتصاد وكلف الانتاج والنقل واضافتها على المنتج النهائي ما يتسبب بضعف القدرة الشرائية وانعكاسه على مختلف الاصناف التي تشهد ايضا ارتفاعا موازيا مثل القمح والرز والسكر والزيوت وغيرها من السلع، ما سيؤثر على عجلة النمو ويزيد من معدلات التضخم، وهذا ما لا تريده الحكومة لضمان تحقيق معدلات نمو اقتصادية هي تسعى اليها بعد اجراءات التعافي من كورونا.
وفي مقارنة بسيطة ارتفعت أسعار البنزين أوكتان 90 ليسجل 1043.1 دولار للطن مقارنة مع 914.2 دولار للشهر الماضي، كما سجل سعر البنزين أوكتان 95 سعراً بلغ 1075.4 مقارنة مع 940.7 دولار الشهر الماضي وارتفع سعر الديزل من 817.6 دولار للطن الى 998.1 دولار، وارتفع سعر الكاز من 848.6 دولار للطن الى 1018.7 دولار، كما ارتفع سعر زيت الوقود من 512.9 دولار للطن الى 579.5 دولار للطن، اي ان الارتفاعات كبيرة ومازالت مستمرة باستمرار الحرب الروسية الاوكرانية والتي تشير كافة التقارير إلى انها لن تنتهي سريعا.
في النهاية، نحن محكومون للظروف والتطورات العالمية، ومن هنا على الحكومة ان تكاشف الناس والقطاعات بحقيقة الاوضاع والتأثيرات على الاقتصاد والاسعار والعمل قدر المستطاع على ضبط هذه التأثيرات وتخفيف وطأتها فهي لن تستطيع منعها بشكل كامل كما يتخيل البعض.