نتفق جميعاً على ولائنا وحبنا لبلدنا, ونؤمن بحقنا بالدفاع عن مصالحنا الوطنية, نتفق في الرؤية, ولكل منا طريقته في التعبير, تجمعنا مصلحة واحدة, هي المصلحة الوطنية. فكما يقال: (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية)..
نسعى جميعاً للتغيير, بهدف الوصول إلى ديمقراطية أساسها دولة القانون, تبيح تعدد الانتماءات والآراء الفكرية, والقبول بالرأي والرأي الآخر، باعتبار ذلك أحد أهم أسس الديمقراطية, ولكنها لا تستخدم عبثاً فهي تحتاج إلى وسائل وأدوات, لذلك تبيح الدول الديمقراطية في دساتيرها وقوانيها, إنشاء ما يسمى (مؤسسات المجتمع المدني), مثل: الأحزاب، الجمعيات, النقابات, الأندية المراكز، وغيرها من المؤسسات المدنية, التي تعمل على تنظيم وتأطير برامجها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا للغاية التي وجدت من اجلها, وإن ?ختلفت في الرؤية, فإنها لا بد أن تتفق على أن المصلحة الوطنية والمواطنة, ثوابت لا يجوز الاختلاف عليها..
تعتبر الأحزاب السياسية أحد أهم مؤسسات المجتمع المدني تأثيراً, لكونها تهدف من خلال برامجها المختلفة للوصول إلى السلطة, باعتبارها تمثل رغبات المواطنين في طبيعة وشكل النظام السياسي للدولة.. وفي المقابل فإن الدساتير الديمقراطية أوجدت معايير وضوابط قانونية وتنظيمية, تبيح لجميع الأحزاب حق المشاركة, على أن يحترم فيها رأي الأغلبية رأي الأقلية, بما يعرف بالتمثيل الحزبي الأكثر شعبية, وهنا يأتي دور المواطن في تقرير مصير النظام السياسي, من خلال الانتخابات (صناديق الاقتراع), فتصبح بذلك جميع الأحزاب أسيرة للمواطن, وتسعى?جاهدة لتقديم أفضل ما لديها, لإرضاء المواطن وإثبات أحقيتها في تشكيل الحكومة, وسمحت ببعض الحلول التوافقية المرنة مثل: التوازنات والائتلافات الحزبية, لضمان نسبة تمثيل أعلى في الحياة السياسية, تضمن استقرار الحياة الديمقرطية, وسمحت أيضاً بدور فعال للمعارض الحزبية, بمراقبة الأغلبية الحاكمة وهذه هي دولة القانون.
إن الاعتراف بالمشكلة نصف الحل, فلقد أكدت في أكثر من مقال سابق, أننا نواجه في بلدنا مشكلة أو فجوة كبيرة بين المواطن والأحزاب.. وبعيداً عن سرد الأسباب والمسببات, فإنه وكما يقال بالأمثال: «هذا المطر من ذاك الغيم', فما زال الموروث السيء عن الأحزاب السياسية حاضراً في أذهاننا, ولم تستطع حتى الأحزاب السياسية التي أنشئت بعد عودة الحياة السياسية عام 1989 أن تقنع الناس بأهميتها, أو تنجح في استقطاب الناس بالانتساب أو الانتماء إليها, وهذا ما دلت عليه التوجهات الشعبية في جميع الانتخابات النيابية السابقة.
وفي المقابل، لم تكن الحكومات السابقة جادة في تغيير الصورة النمطية في أذهان الناس عن تلك الأحزاب, فأحدث ذلك خللاً كبيراً في العلاقة بين المواطن والأحزاب, في حين لجأت الحكومات المتعاقبة أيضاً إلى (تمييع) لغة الحوار مع الأحزاب السياسية بمنطق (لسنا مع ولكننا لسنا ضد), وذلك في ظل وجود بدائل وقوى سياسية اجتماعية, ذات طابع عشائري أو عرقي أو سياسي (معارضة فردية)، تمكنها من المضي دون الدخول في صراعات مع الأحزاب.. أما وما بعد مشروع التعديلات الدستورية, فيمكننا القول انها خطوة متقدمة نحو الإصلاح السياسي.. وللحديث بقي?.
أستاذ القانون الدولي العام