كتاب

بيع للمقدرات أم استثمار.. هناك فرق شاسع؟!

كثير هو الكلام الذي يدور حول بيع المقدرات وأملاك الدولة، وتصويره على أنه فساد كبير وهدر للأموال، غير ان هناك فهما خاطئا للموضوع، فالفرق شاسع وكبير ما بين البيع والاستثمار، وهنا لابد من التوضيح كون هذا الموضوع بدأ يأخذ منحنيات سلبية تجاه الوطن والاقتصاد.

طبعاً بعض دعاة بيع المقدرات، يقصدون الفوسفات والبوتاس والمطار والميناء والاتصالات والكهرباء والمياه والعبدلي وغيرها، حسنا إذا كان هذا ما تقصدون فإليكم الحقيقية، ومن هنا سأطلب منكم أن تغمضوا أعينكم وأن تتخيلوا ما كانت عليه تلك الشركات والمناطق قبل أن تستثمر وتخصص، وأن تقارن بما أصبحت عليه اليوم فستجدون الحقيقة التي يحاول البعض تصويرها على أنها عمل فاحش وشنيع قامت به الحكومات السابقة غير أنه كان الأفضل والقرار الصائب لها، فلولا تلك الخطوات لبقيت تلك المنشآت رهينة الترهل والفساد الإداري ووصلت إلى مرحلة اللا عودة وهذا ما تؤكده وقائعها حينها.

ولأن التاريخ يسجل وهو الفيصل والواقع والحكم، ما بين من يرى أنها عملية بيع للمقدرات وهدر للأموال وفساد، و من يراها صوابا ويلمس أثرها بشكل إيجابي، ومن هنا فلنبدأ بالميناء وكيف تطور وعلى أي أساس حكم عليه أنه عملية بيع وليس استثمارا، ومن هنا فلنتذكر كيف كان الميناء إبان الفترات السابقة وقبل استثماره ولمدة زمنية محددة وتعود ملكيته للدولة، يدرك مدى نجاعة الذهاب إلى استثماره، فالميناء اليوم منارة ومحطة مهمة في الاقتصاد الوطني وميناء استراتيجي لنقل التجارة و الترانزيت، ويدر على الخزينة ملايين الدنانير لكي تستطيع دفع ثلثي الموازنة لرواتب الموظفين.

وكذلك «الفوسفات، والبوتاس»، فمن راقب ويراقب ويشهد على تاريخ هاتين الشركتين بالسابق، ومدى التطور الكبير الذي شهدتهما خلال السنوات الماضية، وما تحققه من نتائج إيجابية وما تقوم به من دور مهم بالتشغيل وتوفير فرص العمل وما تدره على الخزينة من أموال سنوياً، وهنا السؤال ماذا لو بقيت هاتان الشركتان على وضعهما فمن كان سيطورهما في ضوء أوضاع مالية صعبة كانت الحكومات آنذاك تعيشها؟ ومن كان سينقذهما من حالة الترهل والضعف وعدم مواكبة التطورات؟ وكذلك المطار الذي يشهد فترة تطور كبيرة قدرته على استقبال الزوار والمسافرين والسياحة، كما أنه واجهة مشرقة للبلاد، ومع ذلك ستعود ملكيته للدولة بعد فترة استثمارية، يأتي للخزينة سنوياً ما يفوق عشرات الملايين، والأهم من ذلك وذاك «الاتصالات» التي لولا الاستثمار فيها، لكان وضعها «يرثى له» ولما كان هذا التطور في الاتصالات وأدواته وإنترنت وغيرها من الأدوات التي يباهي فيها الأردن العالم/ وأيضاً تدر دخلا على الخزينة، وتوظف آلاف الأيادي العاملة وحققت تنافسية كبيرة.

في النهاية، لستُ قلقاً من كثرة الحديث و'الدق والنق» حول الفساد، والذي أصبح حديث من لا حديث له لتحقيق المكاسب والشعبوية وجذب الانتباه، فالحقائق والواقع وما نشهده على الأرض يكذبهم ويدحر افتراءاتهم ومحاولاتهم المسيئة لتشويه الحقيقة، غير أن القلق من أن كثرة الحديث وثرثرة البعض قد يعكس صورة سيئة عن بلد ناشئ أنجز ما لا يتوقع منه في أحلك وأصعب الظروف، أمام العالم والأجيال المقبلة، فأوقفوا ألسنتكم وأنظروا بأعينكم.. وللحديث بقية.