غرقت منصات وسائل التواصل الاجتماعي بالتمنيات والدعوات أن يكون العام الجديد 2022 أفضل من الذي سبقه، ونتيجة السرعة وغزارة نشر بطاقات التهاني اختلط الحابل بالنابل لدى البعض، وأصبحوا يخطئون في نسخ عبارات «كل عام وانتم بخير» ويضعونها على منشور وفاة، أو العكس بوضع تعزية بوفاة شخص على منشور يتعلق بالتهنئة بالعام الجديد!
وماذا نحن فاعلون بعد الأمنيات وتقديم التهاني لبعضنا؟ منذ عشرات السنين والعرب يمطرون دولة الاحتلال الصهيوني خلال الصلوات، بالدعاء أن ينتقم الله منهم ويهزمهم، وأن تتحرر فلسطين والمسجد الأقصى والمقدسات في مدينة القدس، ويشتمونها في المحافل العامة والمنتديات والمؤتمرات والمجالس الخاصة، بينما يقول الله تعالى: «وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوةٍ وَمِن رباطِ الخَيلِ تُرهبونَ بهِ عَدُوَّ الله وَعَدُوكُم» سورة الأنفال- الآية 60، وفي غضون ذلك تحقق دولة الاحتلال المزيد من الإنجازات العلمية والسياسية وتخترق صفوفنا، وتواصل عمليات القمع والترهيب للشعب الفلسطيني، وتسمين المستوطنات القائمة في الضفة الغربية المحتلة وتبني المزيد..
بدء عام 2022 مجرد تغيير في التاريخ وصفحة جديدة في روزنامة الزمن، ونحن نكرر نفس الأمنيات، وأذكر منذ كنا في مقتبل العمر ونحن ننتظر ليلة رأس السنة الجديدة، للاحتفال واللهو على طريقة الشباب، دون التمعن والتفكير بما هو مطلوب منا لتغيير أحوالنا، والتصدي للتحديات التي تواجهنا على الصعيدين الخاص والعام!
نحن نتعامل مع تقليب دفاتر الأيام على طريقة اللطم، وزيارة قبور الموتى في ذكرى الوفاة كل عام وقراءة الفاتحة والتقاط صور سيلفي، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ودعوة الآخرين للترحم عليهم.. وينتظر نسبة كبيرة منا على شوق وقلق ما يقوله المنجمون، ومن يقرأون الأبراج ويفتحون بالفنجان، ونتسلى بإرسال التهاني كل يوم جمعة وفي الأعياد، ونتبادل الصور والفيديوهات وبعضها مفبركة، بينما الدول والأمم المتقدمة تسعى لتحقيق المزيد من الإنجازات على الصعيد العلمي والتكنولوجي، ونحن ننتظر المساعدات والمنح ونستورد حاجاتنا منها.
الاحتفال الحقيقي بالعام الجديد والسنوات القادمات، يبدأ بالاستفادة من دروس وأخطاء العام الماضي وما سبقه، والعمل الجدي بدءا من الدائرة الضيقة، لتغيير الواقع الصعب ومواجهة تحديات الحياة التي تزداد تعقيدا، وفي المقدمة الالتزام بالقوانين والأنظمة وترشيد وضبط السلوكيات في مختلف مناحي الحياة، في السوق والشارع والأماكن العامة، والاقتصاد في التنظير وتقديم المواعظ عبر وسائل التواصل الاجتماعي بينما نمارس عكس ذلك في الواقع، وبدل التسامح والتصالح مع بعضنا، نستمتع بالنميمة في مجالسنا وبث الكراهية ضد الآخرين، وبضمن ما هو مطلوب الالتزام به التقيد بالشروط الصحية في مواجهة خطر جائحة كورونا، حيث نسبة الاستهتار في هذا الفيروس، لا تزال كبيرة جدا والبعض يكابر ويصر أنه غير موجود..!