ارتفعت أسعار النفط عام 2021 بشكل ملحوظ عن أدنى مستوياتها الوبائية لتصل الى 68.14 دولار للبرميل وهي أعلى بكثير من مستوياتها (59.99 دولار للبرميل) عام 2019.
إنها لا تتطابق مع مستويات أسعار حقبة ما قبل التكسير الهيدروليكي التي وصلت الى 100 دولار لبرميل النفط، لكن هل سترتفع لتصل تلك المستويات؟!
إن توقعات أسعار النفط مدفوعة عادة والى حد كبير بالنمو الاقتصادي العالمي، لكنها محكومة بمجموعة أخرى من العوامل المعقدة.
إن الأسعار الحالية للنفط تعكس الرأي الحالي حول التوازن طويل الأجل بين العرض والطلب في السوق. إن الزيادة الأخيرة في الأسعار، تعكس تحول الاقتصاد العالمي من الركود الناجم عن الوباء إلى النمو طويل الأجل.
ويجادل بعض الاقتصاديين بأنه من خلال زيادة العرض المتاح الحالي، فإن التكسير الهيدروليكي يساعد على خفض أسعار النفط على نطاق عالمي؛ ومع ذلك، هناك عوامل مؤثرة أخرى يجب أخذها في الاعتبار عند النظر في التغيرات في أسعار النفط.
في كانون أول / ديسمبر 2019، بلغ متوسط سعر خام برنت 67 دولارًا للبرميل، وهو أعلى بمقدار 10 دولارات عما كان عليه في نهاية ديسمبر من العام السابق. وفي يناير 2020، فقدت أسعار النفط جميع المكاسب المتراكمة منذ أكتوبر 2019 حيث أثر تفشي فيروس كورونا في الصين على الطلب على النفط بسبب قيود السفر وانخفاض الإنفاق على السياحة والترفيه. وفي أوائل أذار / مارس 2020، فشلت الدول الشريكة في أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك في التوصل إلى اتفاق بشأن تخفيضات إنتاج النفط. ونتيجة لذلك، بدأ أكبر منتجي النفط–روسيا والمملكة العربية السعودية–حرب أسعار، مما أدى إلى إغراق السوق بالنفط الرخيص على خلفية انخفاض الطلب العالمي مع تطور تفشي فيروس كورونا ليصبح جائحة عالمية. لذا، تراجعت أسعار النفط، وسرعان ما وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 22 عامًا عند 9.12 دولار للبرميل في أبريل 2020.
وفي 12 أبريل 2020، وافقت دول أوبك زائد واحد على خفض إنتاج النفط بمقدار 9.7 مليون برميل / يوم خلال الشهرين المقبلين. وأدى توقع الصفقة الناجحة إلى انتعاش أسعار النفط. ولكن في 20 أبريل، انخفضت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط التي كان من المقرر أن تنتهي في اليوم التالي إلى ما دون الصفر للمرة الأولى على الإطلاق. وبسبب الانكماش الهائل في الطلب على النفط بسبب إغلاق فيروس كورونا، ملأت الشركات كامل طاقتها التخزينية بالنفط غير المستخدم وكانت تحاول التخلص من العقود الآجلة المنتهية صلاحيتها على نفقتها، مما أدى الى ما يعرف بالسعر السالب للنفط.
وعندما بدأت حملات التطعيم الأولى ضد فيروس كورونا في نهاية عام 2020، وصل سعر النفط الخام إلى 52 دولارًا للبرميل. وخلال الأشهر الأولى من عام 2021، استمرت أسعار النفط في النمو، لتصل إلى الحد الأقصى عند 69.95 دولار في 5 آذار / مارس 2021. وتعكس ارتفاعات أسعار النفط تحسن الطلب على النفط، وتعافي النشاط الاقتصادي العالمي، وارتفاع تكاليف الشحن، وتعطل إمدادات البترول. بالرغم من صعوبة التنبؤ بمستويات أسعار النفط خلال عام 2022، إلا أن أغلب المؤشرات والعوامل المستقبلية المرئية تشير الى أن مستوى أسعار النفط سيبقى يدور حول متوسط يتراوح ما بين 65 و 75 دولاراً للبرميل خلال العام 2022. توقع زيادة معدلات النمو الاقتصادي خلال 2022، وزيادة السيطرة على فيروس كوفيد ومتحوراته عن طريق التطعيم بمختلف جرعاته، والتحول في المناخ وانخفاض درجات الحرارة في مختلف قارات العالم، وأي تصعيد سياسي واقتصادي ما بين الغرب وايران أو روسيا أو الصين كلها عوامل تصب في اتجاه رفع أسعار النفط، ما لم يصاحب ذلك زيادة في العرض عن طريق التكسير الهيدروليكي أو اللجؤ للمخزون أو حث الدول لزيادة الانتاج فوق الحصص المحددة.
بطبيعة الحال فإن أسعار سلة المستهلك في الأردن سوف تتجاوب مع أسعار النفط. توقع وصول معدل التضخم في الاردن الى 2.5 بالمائة خلال هذا العام مرتفعا من أقل من 1.8 بالمائة للعام 2021 مفسر جزئيا من العوامل أعلاه. ونعلم أن مستويات أسعار النفط تؤثر على حجم حوالات الاردنيين العاملين في الدول الخليجية، وعلى حجم الاستثمارات الخليجية في الاردن، وعلى مستويات الدخل السياحي، وبالتالي على وضع ميزان المدفوعات والاحتياطيات الاجنبية للمملكة. على كل الاحوال، مطلوب من الجهات المعنية التحوط لأي ارتفاعات في الاسعار وحماية المستهلك عن طريق تخفيض الضرائب بمختلف أشكالها والرقابة على الاسواق.