عندما قام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بزيارة منطقة الغمر وعبر من خلالها عن كل أردني بأن هذه المنطقة لها خصوصية ورمزية لكل الأردنيين لأنها منطقة محررة من كل خيوط الاحتلال الصهيوني بتقاطعاتها المباشرة أو الاقتصادية، فقد أعطت وبخاصة في هذه المرحلة بُعداً يرسخ مفهوم التحرر والاستقلال، ويبعث برسالة إلى أن الإنجاز والتطور لا يمكنه أن يحدث إلا من خلال التحرر المطلق، هذا في شقه الرمزي الذي كان واضحاً كل الوضوح في القراءات الأولية لتلك الزيارة..
أما في الشق الواقعي، فإن ما صنعته القوات المسلحة الأردنية الباسلة في توظيف مخرجات هذه المناطق الزراعية وصناعة قيمة مضافة للمشاريع الزراعية التي أشرفت عليها، تبعث برسالة أخرى مفادها يرتكز على الرؤية التفاؤلية التي تتمتع بها قواتنا المسلحة بجعل أي أزمة فرصة لتحقيق الأهداف الوطنية الجامعة، وهنا أعني أن توظيف مخرجات تحرير الغمر من خلال الاستفادة وتوظيف تجربتها الزراعية الناجحة بواقعية ودون قراءة عالمية لمخرجات تجربة الاحتلال الصهيوني في المجال الزراعي والاستفادة منها وتطويرها جعلها تأتي بنتائج استثنائية من خل?ل قيمة مضافة تم إنجازها من قبل القوات المسلحة التي اعتمدت الواقعية والمنهجية بين الإرادة الوطنية والمصادر التي توافرت لديها بعد عملية التحرير للذهاب بكل تلك التراكمات والإنجازات تجاه إضافة نوعية للكل الاقتصادي الوطني، إذن فالمنهجية الواقعية في المعالجة كل مجالات البناء الاقتصادي الزراعية أو التنموية المباشرة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التقاط وتوظيف احدث التجارب المعاصرة وجعلها جزءاً لا يتجزأ للعملية التنموية المستدامة، هذه الجدلية القائمة على أن الاردنيين قادرون على إنجاز قيمة مضافة إلى كل مجالات الحياة..
لقد أثبتت قواتنا المسلحة، ومن خلال منهجيتها وانضباطها وإرادتها الصلبة، أنها تملك دينامية وآلية للتكييف والتكيف، مستمدة من عقيدتها العسكرية التي رسخها جلالة الملك عبدالله الثاني بأن الكل الوطني هو المحور والأساس، وأن الهوية الحقيقية للكل الأردني تنطلق من الأبعاد الفرعية إلى بعدها الوطني العميق والأكثر ترسخاً.
كل ذلك، إضافة إلى رمزية التحرير والاستقلال وذلك الانتعاش والتحديث القائم على الذاكرة الجمعية للأردنيين، قد ارتقى إلى جعل تلك الرمزية محركاً حقيقياً لتطور مسؤولية مجتمعية بكل أبعادها، لأنها رمزية امتزجت مع الواقعية والحداثة وستصنع معجزة حقيقية، وهذا هو بالضبط ما يصبو إليه ويطمح له جلالة الملك المفدى..