إن صحة الإنسان والصحة الاقتصادية توأمان لا ينفصلان عن بعضهما بعضا، ومنذ انتشار الوباء سرعان ما ظهرت شدة تأثيره على الاقتصادات العالمية وتسببت بأشد انكماش اقتصادي سيذكره التاريخ وستدرسه الأجيال القادمة كنموذج اقتصادي للخروج من الأزمات المالية العالمية.
لقد عمل الانكماش الاقتصادي العالمي على إبطاء التقدم في التعليم، وزاد مستويات الفقر ومعدلات البطالة إضافة إلى تراجع التنمية الشاملة. إن التغلب على الوباء شرط أساسي لتقليل نسبة البطالة وسبل العيش والنمو الاقتصادي الذي يؤثر على الاستقرار الاقتصادي والمالي العالمي.
إن قضية التمويل والتنمية بالنسبةللصحة والرفاه العالميين تستشرف التهديدات الصحية العالمية المستقبلية والتحديات التي تواجهها الدول والخطوات الواجب أخذها في عين الاعتبار للحفاظ على الأمن الصحي كأولوية اقتصادية. لذا يتوجب دراسة الفجوات في قدرات الرعاية الصحية ونظام الأمن الصحي العالمي عبر رسم دور السياسة العامة الحكيمة والسياسات المسؤولة في الرعاية الصحية المستقبلية.
إنها لدعوة حقيقية إلى إعادة التفكير في التعاون الدولي والنظر إلى الأمن الصحي بكونه مسؤولية إجتماعية نحو الانسانية جمعاء عبر استثمارات إضافية لا تقل عن 15 مليار دولار سنويًا لتجنب الأوبئة في المستقبل. إن التحورات الجديدة للفيروسات تحتاج الكثير من الجهد والوقت والبحث العلمي المبني على التجربة والاختبار للوصول للقاحات الفعالة التي تخدم الانسان والمجتمعات. اليوم وبدلاً من النظر إلى دعم الأمن الصحي العالمي على أنه «مساعدة للدول الأخرى»، علينا التعامل معه على أنه استثمار استراتيجي يفيد كل دولة.
إنَّ التكامل الصحي الدولي يعتمد على التمويل بشكل أساسي بكونه جوهر التغطية الصحية الشاملةحيث يتوجب على السلطات الصحية والمالية أن تعمل معًا الآن لتعزيز النظم الصحية والاقتصادات بطريقة تفاعلية وتشاركية. وهناك سلسلة من الاجراءات التي يجب أن تتبناها الدول من أجل العمل على تسريع التطعيم في الموجات المستقبلة المتوقعة تشمل الاستثمار في القدرة التصنيعية وسلاسل التوريد والبحوث وتأهيل الكوادر التي تعود بفوائد جمة على نطاق واسع في المجتمع.
يُعرف الناتج المحلي الاجمالي بأنه قيمة جميع السلع والخدمات النهائية داخل دولة ما خلال فترة زمنية محددة، وهو يعكس الحالة الاقتصادية للدولة عبر تقدير حجم الاقتصاد ومعدل النمو لهذه الدولة. وهذا ما قاد بعض الباحثين لابتكار طريقة أفضل لقياس ازدهار الشعوب كتقديم الخدمات بشكل فعال على مستوى المجتمع في كوستاريكا، وتنمية الثقة الاجتماعية في الدنمارك، والمحاسبة على الرفاهية على أعلى مستوى من السياسات في نيوزيلندا حيث تلعب جميعها دوراً مهماً في الحفاظ على صحة المواطنين وسعادتهم. إن عمق الصدمة الوبائية ربما قد تحفز ال?لدان والمجتمعات الدولية للتعامل مع الصحة كأولوية سياسية عامة تجعل المجتمعات أكثر سعادة وإنتاجية. فالصحة الجيدة مهمة لرفاهية الأفراد والمجتمعات، وأساسية لبناء مجتمعات مستقرة ومتماسكة، هذا هو الدرس الذي يجب أن نتعلمه لمستقبل صحي آمن.
Hadadd_hossam@hotmail.com