أظهر الاقتصاد الاردني اداءً متبايناً خلال العام الحالي ٢٠٢١ عكسته العديد من المؤشرات الاقتصادية.
فعلى صعيد الانتاج والاسعار والتشغيل، نما الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 1.8% خلال النصف الاول من العام ويتوقع له ان ينمو بنسبة ٢٪ للعام كاملًا، بعد أن سجل نموا سلبي بنسبة 1.6% العام الماضي، وهذا يعني ان الاقتصاد عاد لمستويات النمو التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا. بالمقابل، ارتفعت الاسعار بنسبة وصلت الى 1.6% خلال الشهور العشرة الاولى من العام ويتوقع لها أن تصل إلى 2% للعام كاملا، وستصل 2.5% في العام المقبل. وتعزى أسباب أرتفاع الاسعار الى شح الانتاج بسبب الاغلاقات وارتفاع كلف النقل أضافة لارتفاع أسعار النفط التي تدخل في كلف الانتاج للعديد من السلع والخدمات. كما وارتفعت معدلات البطالة بشكل ملموس لتصل 25% تقريبًا في الربع الثاني من العام. وتعتبر البطالة أهم معضلة تواجه الاقتصاد الاردني في هذه الاوقات.
أما على صعيد القطاع الخارجي، فقد ارتفعت الصادرات الكلیة خلال الثمانیة شهور الأولى من عام 2021 بنسبة 13.7% لتبلغ 4.1 مليار دینار، بالمقابل، ارتفعت المستوردات بنسبة 21.3% لتبلغ 9.5 ملیار دینار. وتبعاً لذلك، ارتفع عجز المیزان التجاري بنسبة 27.9% لیصل إلى 5.4 مليار دینار مقارنة مع نفس الفترة من عام 2020. و تشیر البیانات الأولیة لتحویلات الأردنیین العاملین في الخارج خلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2021 إلى ارتفاعها بنسبة 1.2% لتصل إلى 1.8 مليار دینار مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020.
كما أظهرت البیانات الأولیة لمیزان المدفوعات خلال النصف الأول من عام 2021 ارتفاعا في عجز الحساب الجاري ليصل الى 2.3 مليار دینار او 15.3% من الناتج، مقارنة مع عجز مقداره 1.2 مليار دینار او 8.3% من الناتج خلال النصف المقابل من عام 2020. أما اذا تم استثناء المنح، فيرتفع عجز الحساب الجاري لیصل إلى %16.3 من الناتج خلال النصف الأول من عام 2021 مقارنة مع 9.2% من الناتج خلال نفس الفترة من عام 2020. وهذا مؤشر لأهمية المنح في تحسين وضع الحساب الجاري. وقد سجل صافي الاستثمار المباشر تراجعا في التدفق للداخل حيث بلغ 135.3 ملیون دینار خلال النصف الأول من عام 2021 متراجعا من 302.3 ملیون دینار خلال نفس الفترة من عام 2020. وبذلك فقد حافطت الاحتياطيات الاجنبية للبنك المركزي على مستوياتها في نهاية ايلول ٢٠٢١ عند 16.9 مليار دولار وهي نفس حجمها في ايلول ٢٠٢٠ وهي كافية لتغطية 9.3 أشهر مستوردات. وعلى صعيد المالية العامة، سجلت الموازنة العامة للحكومة المركزیة انخفاضًا في عجز الموازنة، بعد المنح الخارجیة، بمقدار 521.9 ملیون دینار أو ما نسبته 2.9% من الناتج خلال السبعة شهور الاولى من عام 2021، بالمقارنة مع عجز مقداره 1.3 مليار دینار او ما نسبته 6.9% من الناتج خلال نفس الفترة من عام 2020. أما فيما يتعلق بالمدیونیة العامة، فقد ارتفع رصیدها (الداخلي والخارجي) في نهایة تموز 2021 لیصل إلى 34.2 مليار دینار أو ما نسبته 108.0% من الناتج، مقابل 33 مليار دینار في نهاية عام 2020 او ما نسبته 106.5% من الناتج.
اما القطاع النقدي والمصرفي، فقد حافظ على متانته وصلابته وربحيته التي ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنةً مع مستوياتها في العام الماضي، كما وبقيت مستويات الديون غير العاملة عند مستويات مقبولة. وما يحتاجه القطاع المصرفي هو سرعة التحول للتمويل الاخضر من خلال توفير منتجات وحلول مصرفية متخصصة في هذا النوع من التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2015. البنك المركزي أمام مهام صعبة ومتضاربة تتمثل في تحفيز النمو الاقتصادي وبنفس الوقت المحافظة على استقرار الاسعار وكبح جماح التضخم المتوقع في السنة المقبلة، وهذا يتطلب توفير أدوات نقدية مناسبة لتحقيق هذه الاهداف.
المشهد العام الكلي يشير الى ان الاقتصاد الاردني تعافى بسرعة من أثار جائحة كورونا، الا انه ما يزال بحاجة الى خطة اقتصادية استراتيجية وطنية شاملة طويلة الامد تتضمن مشروعات كبرى وبالشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعربي والاجنبي، في قطاعات المياه والطاقة والسياحة والزراعة والصناعة الاحلالية، لتعزيز الاعتماد على الذات ولاحداث قفزات في النمو تنعكس على مستوى معيشة المواطن وتخفف من معدلات البطالة الهيكلية المرتفعة.