الجمعة السوداء أو البيضاء كما يعبر عنها في بلادنا لحدث سنوي يتكرر مع نهاية شهر تشرين الثاني من كل عام وهو اليوم التالي لعيد الشكر في الولايات المتحدة، حيث يرتبط هذا الحدث بشكل وثيق بالتخفيضات والحسومات على السلع والبضائع والخدمات التي تروج لها المتاجر والمحال في ذلك اليوم.
قد يخيل إلى القارئ أن مصطلح الجمعة السوداء هو نظرة تشاؤمية مرتبطة بحدث تاريخي ولكن الحقيقة تختلف بارتباط هذه التسمية بالأزمة المالية التي حدثت في العام 1869، وبحسب «ديلي تلغراف» قام الخبيران الأميركيان جيم فيسك وجاي غولدن بشراء كميات كبيرة من الذهب وتخزينها على أن يتم بيعها لاحقاً بعد ارتفاع أسعارها، إلا أن سوق الذهب الأميركي كان قد تعرض لانهيار ولذلك سمي بالجمعة السوداء وهذا ما دفع بالمستثمرين أن يعلنا إفلاسهما آنذاك.
وفي ذلك الحين تكدست البضائع وتوقفت حركة البيع والشراء مما خلق أزمة اقتصادية كبيرة في الولايات المتحدة، حيث استطاعت الخروج منها عبر توجهها لإجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات وبيعها عوضاً عن تقادم المخزون وكساد البضائع وتقليل الخسائر لأكبر قدر ممكن.
لقد أعطيت التسمية من خلال شرطة مدينة فيلادلفيا الأميركية التي واكبت أحداث عام 1960 عندما ضجت الشوارع والمحال بالمتسوقين حيث حدثت حالات التجمهر والفوضى العارمة والاختناقات المرورية والطوابير الممتدة لمئات الأمتار من أجل التسوق. وأصبح هذا اليوم فيما بعد تقليداً تنتهجه المتاجر والمحال في الولايات المتحدة الأميركية بإجراء تخفيضات لتعود المنتجات بعد ذلك إلى سعرها الطبيعي بعد انتهاء هذا اليوم أو المدة المقرونة به لكي يتسنى لكافة الأشخاص الاستفادة من العروض المقدمة، وفرصة للمتاجر للتخلص من منتجاتها الراكدة.
وبدأت الجمعة السوداء في الانتشار كمفهوم وانتقلت إلى دول العالم واطلق عليها في عالمنا العربي الجمعة البيضاء نظراً لقدسية وخصوصية يوم الجمعة.
أما محاسبياً فقد كانت العمليات المالية تسجل في الدفاتر بشكل يدوي حيث كان العُرف السائد أن تسجل الأرباح باللون الأسود نظراً لتخلص المتاجر من البضائع الممتلئة في المستودعات فيما تسجل الخسائر باللون الأحمر كناية عن ما تتكبده المنشأة وحملة الأسهم من مقدار تلك الخسارة، ومن جهة أخرى يرى العديد من الخبراء أن الجمعة السوداء مرتبطة بأرباح الشركات خلال موسم التنزيلات بسبب الإقبال الهائل على شراء السلع والمنتجات كالملابس والالكترونيات وغيرهما من البضائع لتترجم نهجاً في تصريف المنتجات وانعاش الأسواق ورفاه المجتمعات.
إن السلوك الشرائي للمستهلك الأردني في يوم الجمعة السوداء (البيضاء) منوط بالعديد من العوامل التي لها الأثر في تحديد النمط الاستهلاكي المتبع القائم على العوامل الاقتصادية والشخصية والنفسية والعوامل المتعلقة بالثقافة والمجتمع.
إنَّ واقعية العروض والتخفيضات التي تجريها المتاجر والمحال تمتحن الثقة ما بين البائع والمشتري مع غياب جهة رقابية تحكم هذه العلاقة. ومن العوامل الأخرى جودة المنتجات والخيارات المتاحة بالاضافة للأولويات الشرائية، وحاجة المستهلك الحقيقية لاقتناء مثل تلك المنتجات، ويبقى السعر هو العامل الرئيسي الذي يعمل على دوران عجلة الاقتصاد ككل.