كتاب

«عيال صويت».. و«رحلة التيه»

بداية، أُهنىء أهالي الرمثا على صبر «أيوب» الذي صبروه وهم ينتظرون العام تلو الآخر للفوز ببطولة الدوري بعد أن غاب عن النادي ٤٠ عاماً.

هي إذاً، «رحلة التيه» في ملاعب كرة القدم التي عاشها فريق هذه البلدة، ولا أدري كيف قفز إلى ذهني تيه بني إسرائيل في صحراء سيناء لعقود أربعة، إلا أن في الرحلة الأولى تنافساً رياضياً بين أُخوة، وفي الثانية هرباً من ملاحقة فرعون عدو موسى وأتباعه.

أقول أُهنىء أهالي الرمثا لأن لهم بعد الله، الفضل برعاية وتشجيع فريق كان يفترض به أن يكون فائزاً بهذه البطولة أو منافساً كل عام، ولأن الرمثا البلدة تملك مقومات الفوز، لا بل الاحتكار ولهذه الأسباب:

الرمثا تحتضن قاعدة عريضة من المواهب، وساحاتها في الحواري والمدارس أنتجت لاعبين متميزين في الفرق المدرسية حتى إذا ما التحقوا بالنادي واشتد عودهم فيه كانوا نجوماً يشار لهم بالبنان في صفوف الفريق وصفوف المنتخبات الوطنية.

الرمثا يعشق أهلها كرة القدم شيباً وشباناً وصبايا وسيدات وربات منازل، فقد دفع الأهل أبناءهم إلى الملاعب الخضراء والترابية، فنقلوا الكاس من العاصمة مرتين في مطلع الثمانينيات، وكاد الفريق في بداية الصعود في نهايات السبعينيات أن يخطف الكاس في سابقة لم يحققها على وجه السرعة فريق أردني.

الرمثا توزع على أندية المملكة من المواهب ما يكفل للنادي دخلاً يغطي جزءاً كبيراً من احتياجات لاعبيه، وفي الوقت ذاته، ما يغني النادي عن الاستعانة بلاعبين من الخارج أو الداخل.

الرمثا لو انسجم العاملون من إدارة وأجهزة فنية وإدارية في النادي مع الكفاءات العلمية في المجال الرياضي والأهل وفي القطاعات الاقتصادية، لتحقق اكتفاء ذاتي يقوم على مواجهة أكلاف الاحتراف، ولصدّرت محترفين لأندية خارجية لها شهرتها، وبالتالي يكتسب الوطن والنادي والبلدة سمعة إضافية.

هل تستخلص الرمثا وهي التي تتفرد بتراث فني وطني زاخر يحمله جمهور النادي ويحتاجه الفريق لتحفيزه في أثناء المنافسات، نقول، هل تستخلص هذه البلدة بكل مكونها الاجتماعي والاقتصادي والرياضي، الدرس من هذا الغياب الطويل لتأخذ بفرق النادي الى المنصات كل عام؟

نعم، الفرحة التي عمت المملكة وغمرت الرمثا، مشروعة بكل تأكيد، ولكن من غير المنطق أن يغيب هذا النادي كل هذه العقود، وهو يملك وأهله مزايا لا يملكه ناد آخر من أندية المملكة.

مبارك «لغزلان الشمال».. مبارك «لعيال صويت» وكل التهاني لبلدة «ولودة بالمواهب»

ولو لم تكن الرمثا لقلنا إنها عاقر..