أقامت كلية الآداب في الجامعة الأردنية، الكلية الأم في الجامعة الأم، نشاطاً مهماً للتوعية بسرطان الثدي بالتعاون مع البرنامج الأردني لسرطان الثدي وقسم العمل الاجتماعي في مركز الحسين للسرطان.
ولم تكن الفعالية حدثاً عادياً نمرّ عليه مرور الكرام، فقد جسدت عدة أمور أساسية نُبين أهمها:
أولاً، كانت فقراتها – التي ضمّت مسيرة داخل الحرم الجامعي، إضافة إلى كلمات وعمل مسرحي – غاية في الانضباط والتنظيم، من حيث الالتزام بأوامر الدفاع المتعلقة بالتّباعد وارتداء الكمامات.
وهذا أمر مهم، لأننا ما زلنا نعيش في ظل جائحة لم تنتهِ بعد، ومطلوب منا ممارسة أنشطة طبيعية في وضع ما يزال غير طبيعي، بانضباط والتزام.
ثانياً، أتت الفعالية للتذكير بأهمية الوقاية من مرض خطير إذا ما أهمل، وقابل لأن ندرأ خطره بسهولة إذا ما اتخذنا الإجراءات الاحترازية اللازمة، ومن أهمها الفحص المبكّر. كثير من الناس يهملون موضوع الفحص المبكر لهذا المرض الذي أصبح شائعاً، إما لعدم اكتراث أو لخوف.
بعدان مهمان هنا، واحد يتمثل في واجبنا بالاهتمام بحياة وسلامة أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا، وصحة نسائنا في المجتمع عموماً، والآخر في أن لا يُنسينا الاهتمام بالجائحة الأمراض والتحديات الأخرى التي يجب أن نواجهها بكل ما أوتينا من توعية وتثقيف.
ثالثاً، جسّدت الفعالية التشبيك المجتمعي في أبهى صوره. كما نقول دوماً، يد واحدة لا تصفق، ومن هنا تأتي ضرورة التنسيق بين المؤسسات التربوية، ممثلة في حالتنا هذه بالجامعة الأردنية، والمؤسسات المجتمعية ذات العلاقة، لتحقيق النتائج المرجوة، فالتعاون والتشبيك هما سبيلنا لحلّ فاعل لمشكلات جمّة.
والحقيقة أن الجامعة تنص صراحة على التفاعل المجتمعي في خطتها الاستراتيجية وتبذل جهوداً مضنية ومثيرة للإعجاب على هذا البعد، وفيها قسم علم الاجتماع العريق وقسم عمل اجتماعي فاعل ومركز نشط للخدمة وتنمية المجتمع؛ كل ذلك في سبيل علاقة تشاركية منتجة مع المجتمع.
رابعاً، اتسمت الفعالية بمشاركة طلابية لافتة؛ وهذا أمر غاية في الأهمية، لأن الشباب هم العمود الفقري للمجتمع وهم الفئة المستهدفة من الأنشطة التي ستحمل الراية لتكمل ما بدأت به الأجيال السابقة. والجامعة تولي موضوع تثقيف الشباب وتمكينهم أهمية كبرى: فإضافة إلى العديد من الأنشطة التي تعقدها لتحقيق هذه الغاية، فإنها تقدم من ضمن متطلباتها الإجبارية حزمة متكاملة تحت عنواني الثقافة والمهارة في المجالات الحياتية الأساسية.
خامساً، استخدمت الفعالية الأسلوب المسرحي في توصيل المعلومة؛ وهو من أكثر الأساليب فاعلية في تقديم المعلومة بعيداً عن الأسلوب السّردي المباشر والذي قد يكون ثقيلاً على المستمع والمشاهد أو مكروراً. والأسلوب المسرحي من أكثر الأساليب نجاحاً ونجاعة في التعليم، لأنه مسلّ ويتيح للمتعلم فرصة الاستنتاج واستنطاق النص.
سادساً، جسدت الفعالية الدور الإيجابي والإبداعي للفنان الأردني، المنتمي لمجتمعه، ولتميزه بالقليل من الإمكانات. فقد نَفّذت النشاطَ المسرحي بإبداع وإمتاع مجموعة متميزة من الممثلين الأردنيين بقيادة الفنان الموهوب حسين طبيشات في مدرج يفتقر لأساسيات المسرح.
نعم، نشاط في وقته ومثال يحتذى به.
