كتاب

التعليم عقب الأزمات

عقب الأزمات يعاني قطاع التعليم حول العالم من الآثار المترتبة على مضمون ومحتوى الأزمات وغالبا ما يدفع الجميع الثمن نتيجة الانقطاع والتوقف عن التعليم وتوفير المعرفة للطلبة وعلى مختلف المراحل التعليمية.

أسوق بعض الأمثلة ومنها لمشاهد في أفغانستان عقب دخول طالبان وبعض المظاهر لطلبة يقصدون السير للمدرسة على عكازات نتيجة بتر أرجلهم نتيجة مرورهم بالعديد من حقول الألغام اثناء الحروب السابقة في البلاد.

كما ظهر العديد من الطلبة في اليمن في مزارع القات بعيدا عن مدارسهم وعملهم بأجور زهيدة لتوفير لقمة العيش لأسرهم عقب الغارات من قبل جميع الأطراف على بعضها البعض والقتال الذي حصد رب الأسرة وخلف أوضاعا اجتماعيا صعبة.

وكذلك الحال في لبنان وليبيا والسودان حيث تعذر الانتظام في المدارس نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية في أرجاء البلاد والتي تعصف بالعديد من القطاعات وليس التعليم وحسب.

التعليم عقب الأزمات تحدي ماثل أمام الجميع لمواجهة الخلل في العملية التعليمية وتوفير الخدمة التربوية وإشباع رغبة الطلبة في التعلم والعيش في البيئة المدرسية واكتساب الخبرات العملية والعلمية.

العديد من التقارير المحلية والدولية تشير إلى الأوضاع الصعبة التي يعاني منها جميع المعنيين في قطاع التعليم من تحديات عقب الأزمات السياسية والصحية والأوضاع الاقتصادية وتشير تلك التقارير إلى الكثير من التوصيات لمعالجة الخلل ضمن الإمكانيات المتاحة في كل دولة وعلى مستوى العالم أجمع.

قبل سنوات قليلة كان الهدف وضمن الخطة الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم تقليل عدد المدارس المستأجرة والتخلص من نظام الفترتين في المناطق ذات الاكتظاظ، ولكن الظروف الراهنة عقب جائحة كورونا فرضت العودة لنظام الفترتين وربما استئجار مدارس سواء من المدارس الخاصة التي أغلقت أو من أصحاب البنايات التي تصلح لتكون مدرسة.

قطاع التعليم وعقب الأزمات وحول العالم تضرر كثيرا وفي بعض الحالات تم التفكير جديا في إسقاط العام الدراسي وتأجيل التحاق الطلبة لحين استقرار الوضع الوبائي وضمان الظروف المناسبة لتحصيل الطلبة بشكل جيد ومناسب.

تأثرت المدارس الحكومية والخاصة عقب الأزمات بشكل كبير ولعل الإجراءات التي اتبعت قبيل بداية العام الدراسي من توفير الإمكانات كافة للمدارس كانت خطوة طيبة لضمان العودة للتدريس الوجاهي.

تحديات كبيرة ظهرت عقب الأزمات ومنها توفير التدريب المناسب للمعلم وتوجيه المهارات الجديدة للطالب وتعزيز ثقته بما يتعلم ويكتسب وتوطيد العلاقة مع أولياء الأمور وتقليل كلف التعليم.

ليس من السهل التعامل مع الظروف الجديدة من الاكتظاظ في المدارس الحكومية سوى اعتماد نظام الفترتين والمناوبة وتقليل وقت الحصة المدرسية وتكثيف الجهود من أجل الاستفادة من الفرص المتاحة.

شكل التعليم سوف يختلف لا محالة مع الظروف المستجدة وسوف يتجه جميع المعنيين بالعملية التربوية لاكتساب مهارات جديدة والتوجه نحو أشكال مبتكرة من التعليم واكتساب المعرفة.

تفاصيل كثيرة يمكن التطرق اليها في هذا المجال ولكن هل نتصور حجم المعاناة للطلبة والكادر الأكاديمي والإداري في مدارس الدول التي اجتاحتها الحروب وقذائف الطائرات وتركتها ركاما وافترش الجميع الأرض وعقد المعلم حصته في الهواء الطلق دون خوف بل بعزم على السير قدما نحو الأمام وليس الخلف؟

أشير إلى العديد من الجهود المقدرة وعلى مدار الساعة من قبل كوادر وزارة التربية والتعليم في المركز والميدان لتوفير الكتب للطلبة مع بداية العام الدراسي وكذلك المقاعد المناسبة لكل طالب وتوفير البيئة المناسبة داخل رحاب المدرسة والتحاق الطلبة بسعادة لا توصف.

ليس من السهل العودة للتعليم الوجاهي من جديد، ولكن المنشود تعاون الجميع من أجل ضمان تلقي الطلبة حقهم في التعليم بعد فترة ليست قصيرة من التعليم عن بعد.

ما تزال مشاهد فرح الطلبة لعودتهم للمدرسة حاضرة أمامنا، وما تزال الدعوة قائمة لاستمرار عميلة التطوير والتحديث وإصلاح التعليم لمواكبة متطلبات ومهارات المستقبل بثقة وتفوق وتميز.

fawazyan@hotmail.co.uk