أصبحت مقولة «من دخل دار أبو سفيان فهو آمن» قاعدة وشعار أغلب موظفي الجهاز الحكومي والهيئات التابعة لها للأسف، وهنا لا أعمم أبداً، غير أن أصحاب هذا المفهوم ينتشرون في أروقتها كافة.
الموظف الآمن والمستقر الذي لا يعامل بالثواب والعقاب نجح في ترسيخ هذا المفهوم، فتجد أن أغلب الشباب المقبلين على سوق العمل يستميتون على العمل في الأجهزة والوظائف الحكومية، فهم يعلمون أنهم إذا دخل أحدهم لن يخرج منها مهما ارتكب من أخطاء حتى لو نوت إدارته عقابه بسبب تقصير أو أخطاء ارتكبها، تدخلت «الفيتامينات الضارة» لإلغاء العقاب ليعود الموظف المقصر إلى ارتكابها مرة تلو الأخرى حتى بلوغه سن التقاعد.
نعم يا سادة، إن سبب التمسك والرغبة المفرطة لدى الشباب الأردني بدخول الجهاز الحكومي هو الأمان غير المستحب، فتجده يفضل وظيفة حكومية براتب 400 دينار على وظيفة بالقطاع الخاص بضعف المبلغ، ما أوصل الجهاز الحكومي إلى حال من الترهل والبيروقراطية التي يعيشها اليوم وغداً، وحتى لسنوات قادمة، ما لم يوضع حد لهذه الظاهرة.
جلالة الملك نوه خلال زيارته الزرقاء الشهر الماضي، إلى أن الإصلاح الإداري بحاجة إلى وقت، ويتطلب إعادة هيكلة الحكومة ومؤسساتها، ورفع كفاءة الموارد البشرية وتطويرها، لتحسين مستوى خدماتها، وتطوير الأجهزة الرقابية، لترسيخ مكافحة الفساد والواسطة والمحسوبية وإرساء العدالة والمساواة، ولأن الإصلاح في هذا الجانب مهم ويخدم جميع المواطنين نتيجة تلقيهم أفضل الخدمات، يجب أن نبدأ به فوراً.
الترهل الإداري و«الفوضى الإدارية»، إن صح التعبير، لهما الكثير من السلبيات التي يجب البدء بمعالجتها خصوصا أننا نواجه ارتفاع المديونية المستمر وتراجع الاستثمارات البيروقراطية العقيمة تسبب فيها ارتفاع أعداد موظفي الجهاز الإداري، ومن هنا لابد أن نحدد إما الانتقال إلى الإنتاج أو البقاء خلف قضبان الترهل.
وهنا لا بد أن أعبر عن استغرابي وأطرح تساؤلاً: لما لا تتعامل الحكومة وأجهزتها الإدارية مع موظفيها، كما يعامل القطاع الخاص موظفيه؟ فهل هناك ما يمنعها أو يحول دون تنفيذها إجراءات أسست لها مقولة «الأمان في دار أبي سفيان» حتى صارت واقعاً يركن إليه المتطفلين والمعيقين للإصلاح الإداري.
مواضيع ذات صلة