كتاب

الكمامات.. إنذار مبكر!

لم أتفاجأ عند قراءتي لتقرير يتناول تراجع بيع الكمامات بنسبة 500% عما كانت عليه العام الماضي، فمن النادر أن نلمحها في أي مكان سواء بالأماكن العامة أو في الأسواق ولا حتى بالعمل أو الأفراح أو الأتراح رغم التشديد والمناشدات بالالتزام.

التراجع في الطلب على الكمامات، يعكس مدى الاطمئنان المفرط وغير الواقعي من قبل المواطنين عن الحالة الوبائية في المملكة، معكوسة بتصريحات مازالت تخلو من التحذير وتنطلق إلى التبشير، بالرغم مما يشهده العالم من تطورات للوضع الوبائي لديهم وتفشيه وتحوره والعودة إلى الإغلاقات بسبب تنامي المتحورات الجديدة والمستجدة رغم أن معظم مواطنيها تلقوا جرعات اللقاح.

لست تشاؤميا لكني أخشى من عودتنا للمربع الأول، والذي ستكون نتائجه أشد وطأة من الناحيتين الاقتصادية والصحية لا سمح الله، ومع ذلك لابد من التحذير والتنبيه بأننا معرضون لموجات قاسية والتي من الممكن أن تعيدنا إلى الاغلاقات والحظر والتقييد العام في وقت بدأنا فيه نلتقط أنفاسنا والنهوض والانطلاق نحو خطة اقتصادية للتعافي.

وإضافة إلى ذلك أصبحنا نشهد عودة مظاهر وعادات اختفت خلال جائحة كورونا وكأنها لم تجتحنا من قبل وكأن كل ما مر بنا خلالها وعايشناه مجرد حلم دام سنتين! فالأفراح وبيوت العزاء والتجمعات ومناسبات المجاملات عادت بقوة، ولم تعد المعقمات موجودة؛ لا في الأسواق ولا في البيوت ولا بحقائب الكبار والصغار فاختفت من أولويات الأسر نتيجة الثقة الزائدة وغير المنطقية لواقع حال يمكن أن ينقلب علينا في أي يوم.

صناعة الكمامات المحلية انتعشت في العام الماضي حتى أنه كان ينتج في اليوم الواحد أكثر من 5 ملايين كمامة مقارنه مع 20 ألف كمامة ما قبل حلول الجائحة، كما ارتفع عدد المصانع ليبلغ أربعين مصنعاً مع بداية الجائحة وفي ذروة الجائحة، غير أن عددها تقلص ليبلغ عشرة مصانع بعد إغلاق الباقية بسبب التراجع الكبير في الطلب عليها في السوقين المحلي والتصديري حيث تراجعت صادرات الكمامات من 16 مليون كمامة في العام الماضي إلى مليون كمامة خلال النصف الأول من العام الحالي.

وفيما يتعلق بالحملة الوطنية للتطعيم ضد فيروس كورونا، فقد وصل عدد المسجلين على المنصة 3.871 مليون شخص، تلقى 3.372 مليون شخص الجرعة الأولى، و2.763 مليون تلقوا الجرعة الثانية، وهذا يعني أننا ما زال الوقت مبكراً على الشعور بالاطمئنان الزائد فلم نصل إلى المرحلة التي يكون فيها غالبية السكان تلقوا المطعوم ما يدعو إلى القلق والحذر في آن واحد، فهذا الرقم يشير إلى أن ما يزيد على نصف السكان لم يتلقوا المطعوم بعد، فلماذا هذا التفاؤل وهل تلقي المطعوم يحررنا من ارتداء الكمامة؟ وإلى أي حد يقينا المطعوم من الإصابة؟

لذلك من العقلانية والمنطق التزام الحذر فيما يتعلق بالوباء والتقيد بالوسائل الوقائية المتبعة من كمامات ومعقمات والابتعاد عن التجمعات غير المنظمة وعلى الحكومة تشديد الرقابة، وخاصة أننا لسنا قادرين على تحمل أي نوع من التراجع إلى الخلف وتحقيق خسائر اقتصادية وبشرية، حيث أثبتت الأرقام بأن تكلفة إغلاق اليوم الواحد تكلف الاقتصاد مئات الملايين.. وبخاصة أننا على أبواب مرحلة جديدة من الإجراءات الايجابية في الانفتاح.