النائب د. فايز بصبوص
منذ عودة جلالة الملك من واشنطن، ورغم الجهد المضني والهائل الذي بذله جلالته والذي رسخ دور الأردن كلاعب رئيسي ومحوري في الإقليم، لم يتوقف جلاته ولو بالحد الأدني في استراحة محارب، ومباشرة بعد عودته عقد لقاء تاريخياً وأعني هنا تاريخيا مع الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني ليعمق العلاقات الثنائية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية.
وقد طرح جلالة الملك بذكائه المعهود ربطا بين "الثلاثية" الأردن واليونان وقبرص والعراق ومصر، هذا التشبيك الإقليمي كان الهدف منه في الظاهر والباطن هو إعادة البوصلة إلى القضية الفلسطينية من خلال عزل الكيان الصهيوني عن هذا التكامل والتشابك الإقليمي والتي كانت دولة الكيان الصهيوني وخلال أربع سنين ماضية تعمل على اختراقات وتحالفات في شرق المتوسط لتجسيد دورها كلاعب استراتيجي في الطاقة والسياسة، محاولة بكل حقدها لعزل المضامين السياسية لأي تحالف إقليمي مستثنية محورية الدولة الأردنية، ومركزية القضية الفلسطينية..
هذا الجهد الذي بذله الكيان الصهيوني خلال أربع سنوات اجهضه جلالة الملك من خلال إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية في المنطقة ارتكازا على محورية الأردن ودوره الطبيعي في التكامل البيني بين دول الإقليم في كل المجالات، وشرطه المركزي عزل الكيان الصهيوني عن هذا التكامل الإقليمي وهو مسعى لا يمكن أن ينطلق إلا من رجل بحكمة وإنسانية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين فقد كان هناك إجماع كلي على التمدد خارج بوتقة التحالفات الإقليمية من جزر منعزلة إلى تشبيك يستطيع أن يصنع فارقا في كل المجالات ودون قيود أو ضوابط أو ضغوط خارجية..
وبذلك فإن القرار الوطني الأردني المستقل أضحى أكثر وضوحا وبينة في كل الاتجاهات وهذا ما لمسناه من فتح معبر جابر والبدء لتطوير العلاقات مع الدول الإقليمية ذات الثقل السياسي، وذلك يعطي مؤشرا أن الحكمة التي يتمتع بها قائد وطننا العظيم قد أصبحت محورية ومركزية في كل التجاذبات السياسية في الإقليم مهما كان حجم الضغوط أو التدخلات الخارجية.
فطوبى لنا بهذا القائد العظيم الذي استطاع أن يرتقي بفن الممكن إلى الممكن، حمى الله الاردن ومليكه، وأدام عليه حكمته ورؤيته الاستشرافية السياسية التي تعتبر استثناء في هذا الواقع والاستثناء لا يعمم..