سيف الله حسين الرواشدة
وفقًا لأبسط التعريفات فالمواطن هو جزء من نسيج المجتمع السياسي، له حقوق وعليه واجبات. وثمة ثلاثة عناصر أساسية تتداخل في تشكيل مصطلح المواطن، وهي القانوني والسياسي والاجتماعي أو النفسي.
تتكون الحالة القانونية للمواطن من مجموعة الحقوق السياسية والاجتماعية والمدنية، مما يجعل المواطن شخصية حرة في التصرف تبعاً للقانون الذي يحمي حقوقه، لكن هذا التجلي القانوني للمواطن لا يستوجب مشاركته في صياغة القوانين أو تساوي المواطنين أمام القانون، أما التجلي السياسي للمواطن فيعني مشاركته الإيجابية والفاعلة في المؤسسات السياسية، بطريقة مباشرة أو بطريقة التمثيل مما يمنحه القدرة على التأثير في صياغة القوانين والأنظمة والتوجهات العامة إضافة لمحاسبة ومراقبة الحكومة وأجهزتها.
الهوية الوطنية هي العنصر الاجتماعي أو النفسي لمصطلح المواطن الذي ينتمي لمجتمع سياسي يغذي تفرد هذه الجماعة بهوية محددة ومميزة، تتداخل فيها الهويات الفرعية واختلافات الأصول والمنابت والطبقات الاجتماعية، لكن المواطنة تسعى كحالة الي تعزيز التكامل الاجتماعي لصالح الهوية الوطنية الجامعة التي يتشارك أصحابها في المصير والتجارب والخبرات، كما في الآمال والتحديات.
تتداخل وتتشابك هذه العناصر الثلاثة في تشكيل وتعريف المواطن، فالحقوق التي يتمتع بها المواطن هي التي ترسم حدود مشاركته في العملية السياسية، التي تساعده على الانسجام والانتماء للدولة ومؤسساتها مما يساعد في خلق هوية وطنية جامعة لمجتمع مشتبك مع حقوقه ومساند لمؤسساته.
وقد نضيف على ذلك أيضا الامن الاقتصادي على انه ليس تجليا للمواطنة لكنه ضرورة لابد منها ليتمكن الفرد من ممارسة عناصر المواطنة السياسية والقانونية بحرية، وعلى قاعدة ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب، تصبح ملفات البطالة وتمدد الفقر تشكل خطرًا داهمًا على شكل مستقبل البلاد والعباد لا محيد لنا من علاجها على المستويين التكتيكي الاني والاستراتيجي.
ما سبق من تشريح لمصطلح المواطن يتضاد مع اللامبالاة بالشأن العام، التي قد تسبب صعودًا للهويات والانتماءات الفرعية على حساب الوطنية، وانسحاباً من العملية السياسية الى جموع الأغلبية الصامتة وحزب الكنبة، مما يحرم الحكومة من التفاف المجتمع حولها واسنادها، كما يحرم المواطنين من القدرة الفعالة على محاسبتها وتقيديها لتعمل على إيقاع حاجات الناس وأولويات ملفاتهم الساخنة.
وهذا يجعل الإصلاح السياسي وكسب ثقة الشارع ضرورة للبقاء لا رفاهية نتغاضى عنها نتيجة الضغوط الاقتصادية وظروف الإقليم الصعبة، اذ أنها عوامل أساسية في الحفاظ على حالة المواطنة لجموع الساكنين، مما يحافظ على نظام وشكل الدولة ومؤسساتها.
المجتمع القوي يحتاج مواطنًا كامل الاهلية القانونية والسياسية، يكون مؤمنًا ومنسجمًا مع هويته الجامعة التي تتماهى مع الدولة العامة وتوجهاتها، هذا يمكنه من الاشتباك مع قضاياه والحفاظ على توازن القوى والثقة بين الحكومة والشارع التي تمنح الدولة قوتها ومنعتها في مواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية، وفي حالة اكتفاء المواطنين بالتجلي القانوني فقط والتماهي مع «مش شغلك يا مواطن» نكون نحن حرمنا أهلنا وبلادنا أهم أسباب قوتها ومنعتها التي عبرت بها كل أزمات القرن الماضي.
[email protected]