د. شهاب المكاحله
زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني لواشنطن ولقاؤه الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم باتا حديث الكثير من السياسيين والباحثين في العاصمة واشنطن لأن للزيارة أهمية كبيرة في رسم الخطوط العريضة للأبعاد السياسية والتطورات الأمنية والسياسية والعسكرية في الشرق الأوسط ومستقبل حل الدولتين الذي ينادي به الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية. ويبدو أن الأردن سيلعب دوراً محورياً فيما بعد مثلما كان عليه قبل عدة سنوات إذ أكدت مصادر غربية مطلعة أن الملك عبدالله يحمل معه ملفات كثيرة منها قضية سد النهضة والإرهاب والصراع الطائفي، والش?ون العراقية والسورية والليبية واليمنية أي أنه مفوض من عدة أطراف شرق أوسطية لنقل همومها وقضاياها إلى البيت الأبيض.
الملك عبدالله الثاني الذي يرافقه في زيارته جلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني سيركز على قضية القدس والمقدسات باعتبارها قضية سيادية للأردن ومفتاح استقرار المنطقة. كما سيؤكد جلالته أن تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الضمانة الوحيدة للسلام الدائم الشامل.
أهمية الزيارة تكمن في أنها تأتي بعد تحدي رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في سياساته التوسعية دول الجوار ومحاولة توريط الإدارة الأميركية في حرب إقليمية في شهر مايو الماضي ما دفع إلى رفع الغطاء عنه لإفشال حكومته. الملك لن يركز على الجوانب السياسية فقط بل وعلى الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية التي يمكن أن تحول الأردن إلى سنغافورة الشرق الأوسط.
الزيارة الملكية في غاية الأهمية بعد أن تلقى جلالته إشارات مهمة جداً من الجانب الأميركي ممثلاً بتصريحات بايدن الداعمة للأردن في أبريل الماضي وزيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مايو الماضي لعمان حيث كان التأكيد الأردني على أن إنهاء الصراع بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لا يتحقق إلا بحل الدولتين وهذا ما سعى الأردن لتحقيقه وإقناع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب به.
ومن تلك الإشارات الأميركية في نوفمبر ٢٠٢٠ اتصال الرئيس المنتخب بالملك عبدالله، وهو الاتصال الأول لبايدن مع زعيم عربي، ما فسره الكثيرون في العاصمة واشنطن على أنه إعادة إحياء الدور الأردني في الوصول إلى تسوية عادلة وشاملة لقضية الشرق الأوسط بما يتماهى وحل الدولتين والتعاون مع كافة اللاعبين الإقليميين من أجل السلام الشامل.
بايدن يعرف الملك عبدالله عن كثب منذ أكثر من ٢١ عاماً وهذا ما دفع الإدارة الأميركية في ٣١ يناير ٢٠٢١ وبعد تولي بايدن سدة الرئاسة إلى توقيع اتفاقية تعاون دفاعي مع الأردن لأنه يرى أن الأردن مفتاح استقرار الشرق الأوسط. فالملك يحمل معه الكثير من الملفات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية: فالأردنيون والفلسطينيون خصوصاً يٌعولون على تلك الزيارة لأنها ستحمل معها خارطة طريق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وملف القدس الشرقية والمستوطنات.
وفي الختام، كان لقاء جلالته مع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي يوم ١٦ يوليو في تامبا بولاية فلوريدا بمثابة تعزيز لدور الأردن الأمني إذ قال الجنرال: «الأردن ركيزة مهمة في الحفاظ على السلام وتعزيز الأمن في جميع أنحاء المنطقة» واللبيب يفهم أن هكذا تصريح هو إعطاء إشارة إلى الجميع بأن أمن الأردن خط أحمر وأن دعمه بكافة الوسائل لا بد منه.