د. أحمد يعقوب المجدوبة
خبرٌ سار أن الحالة الوبائية المصاحبة لفيروس كورونا ومتحوّراته قد تحسنت وأن الإغلاقات التي فرضتها تلك الحالة قد بدأت بالانفراج.
ومع أنه يتوجب على الجميع عدم التفريط في تطبيق قواعد الصحة والسلامة، فإن هنالك فرصة للناس ليمارسوا بعض ما كان يمارسونه في الظروف الطبيعية السابقة للجائحة، ومنها السياحة.
السياحة، وخاصة في فصل الصيف، فرصة للناس لتغيير الأجواء وللراحة والاستجمام، ولإغناء المعرفة والثقافة والتجربة على عدة أبعاد.
ما نطرحه هنا كخيار أول هو السياحة الداخلية، وهنالك عدة عوامل تُعزز هذا الطرح.
أولها أن الأردن غني بالأماكن السياحية المميزة: أماكن الراحة والاستجمام، والمعالم التاريخية والأثرية، والرقع الجغرافية والطبيعية الساحرة.
وهي كلّها على درجة كبيرة من التّميز وتضاهي، لا بل تفوق أحياناً، ما هو مُتوافر في الإقليم والعالم.
أين تجد مدينة كاملة منحوتة بالصخر كالبترا، وأين تجد سحر وادي رم، الذي تشبه تضاريسه تضاريس بعض الكواكب في الفضاء، وأين تجد عراقة جرش وأم قيس وطبقة فحل والقصور الصحراوية، وأين تجد ما تحويه محميات ضانا والأزرق من كنوز نباتية وحيوانية وتضاريس مميزة؟
وهنالك نهر الأردن والمغطس بأبعادهما التاريخية والدينية؛ ثم البحر الميت الذي لا مثيل له. وهنالك العقبة بشواطئها الذهبية وكنوزها البحرية الثمينة؛ وهنالك العاصمة عمّان بمدرّجها وقلعتها ومطاعمها وفنادقها.
بلد صغير في مساحته غني في ثرواته التاريخية والأثرية والدينية والطبيعية ومرافق الراحة والاستجمام والخدمات.
وثانيها أن كل هذه الأماكن قريبة وسهل الوصول إليها؛ فلا يحتاج المرء لأكثر من ست ساعات بالسيارة ليصل إلى أبعد نقطة في الجنوب، ولنَقُل العقبة، من أبعد نقطة في الشمال ولنقُل الرمثا أو أم قيس أو الحمّة.
لا جهود تضيع في الحصول على فِيَز أو وقت يُصرف في سفر طويل بين مطارات ولا تخوّف أو معاناة من ترتيب تفاصيل التنقل وغيرها.
فالطرق التي تصل بين المرافق والمعالم والأماكن المشار إليها أعلاه كلّها معروفة لنا أو سهل التعرف عليها.
يضاف إلى ذلك - ثالثاً - أن الكُلف أقل بكثير إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تذاكر السفر والتأشيرات وغيرها من مصاريف.
ومن الملاحظ أن العديد من الفنادق والاستراحات والمطاعم في الأردن خفضت أسعارها بشكل ملحوظ في المرحلة الحالية، وأن الحماسة للعودة للحياة الطبيعية جعلت المعنيين أكثر إخلاصاً في عملهم وأكفأ أداءً، مما ينعكس على نوعية الخدمات المقدمة.
بالطبع لا نريد أن نقلل من أهمية السياحة الخارجية، والتي لها ميزاتها وفوائدها، ومن أهمها الانفتاح على العالم ومعرفة ما يجري من حولنا؛ لكننا في هذه المرحلة الاستثنائية، بسبب الوباء والجائحة وبسبب التحسن الذي طرأ، ندعو إلى إعطاء السياحة الداخلية الأولوية، وبالذات كونها تُسهم إسهاماً مباشراً في إنعاش قطاع السياحة الذي تلقى ضربة موجعة خلال الجائحة والإغلاقات التي شلت الحركة؛ وكونها تسهم أيضاً في إعالة آلاف العائلات التي تعتاش على هذا القطاع بمؤسساته الكبرى والصغرى.
وهذا واجب وطني.
لهذه الأسباب وغيرها، لتكن السياحة الداخلية خيارنا الأول.