احمد ذيبان
لم يعرف المشرق العربي «الطائفية السياسية» قبل وصول نظام الملالي للحكم في إيران عام 1979، الذي رفع منذ البداية شعار تصدير الثورة، وبدأ العمل لتنفيذ مشروعه التوسعي بتصدير فيروس المذهبية، إلى أربع دول في المشرق العربي نخر نسيجها الاجتماعي والسياسي والأمني وكانت تداعياته كارثية، فاقت أضعاف ما سببه فيروس كورونا من خسائر بشرية واقتصادية.
ورغم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تجرى في إيران، يبقى القرار الحاسم في القضايا الاستراتيجية، بيد الولي الفقيه علي خامنئي والأدوات الامنية الموالية له، مثل الحرس الثوري والاجهزة الاستخبارية والعسكرية بمختلف مسمياتها، أما رئيس الجمهورية والحكومة فهم يتولون إدارة الشؤون الادارية والخدمية.
ويمكن الإشارة إلى رئيسين سابقين يحسبان على الاصلاحيين، هما محمد خاتمي وحسن روحاني لكنهما لم يحدثا أي تغيير في استراتيجية النظام.
الانتخابات الرئاسية الأخيرة لم تحمل أي مفاجأة، فكانت النتيجة محسومة مسبقا لصالح إبراهيم رئيسي المقرب من خامنئي، بعد أن تم «هندسة» قائمة المرشحين، من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام المعين من قبل المرشد. لكن انتخاب «رئيسي» ساهم بتعقيد المشهد السياسي، وجاء في مرحلة مفصلية بالنسبة لنظام الملالي، الذي يثير ضجيجاً إعلامياً وعواصف سياسية وأمنية في المنطقة، حيث تدخلاته الخارجية السافرة في دول الجوار، معتمدا سياسة إنشاء وتمويل وتسليح ميليشيات تنفذ أجندته، وخارجة عن سلطة الدول التي توجد فيها، كما ألقى بظلال سلبية على مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني.
وما زاد الطين بلة أن «رئيسي» صاحب سجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان، وأهمها مسؤوليته في إعدام نحو 30 ألف معارض سياسي عام 1988، عندما كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران. وإصدار أحكام بإعدام نحو خمسة آلاف شخص من المعارضين والحراكيين والمنتفضين ضد سياسات النظام، عندما كان يشغل موقع رئيس السلطة القضائية خلال العامين الماضيين، وهو ما دفع مؤسسات حقوقية دولية عديدة أبرزها منظمة العفو الدولية للتنديد بانتخابه وبسجله انتهاك لحقوق الإنسان.
لقد نجح هذا النظام خلال الفترة الماضية في تضليل البعض، بالزعم انه يقود ما يسمى «محور المقاومة» ضد الكيان الصهيوني، رغم أنه لم يطلق أي رصاصة على هذا العدو خلال 42 عاماً، واستخدم عقلية البازار للاستثمار السياسي في القضية الفلسطينية، مستفيداً من حالة ضغف النظام الرسمي العربي، والانقسام الفلسطيني الداخلي، لكنه لم يقدم غير الثرثرة والشعارات الزائفة هو والميليشيات التي يمولها ويسلحها.
ولو قدر لهذا النظام امتلاك السلاح النووي، فإن المستهدف بخطره ليس إسرائيل، بل العرب وسيشكل عنصر ضغط وترهيب إضافي ضدهم! ولذلك فإن حرمانه من امتلاك السلاح النووي ضرورة استراتيجية للاستقرار الإقليمي والدولي.
[email protected]