احمد ذيبان
لبنان على حافة الهاوية.. فالازمة السياسية والاقتصادية تعصر ما تبقى فيه من روح وجسد! من الصعب تخيل خارطة الوطن العربي بدون لبنان، بكل تنوعه وثرائه الاجتماعي والطائفي الثقافي والسياحي والفني!.
الأخبار التي تضخها وسائل الاعلام تثير الفزع، وصلت الى حد سعي عدد كبير من الاخوة اللبنانيين، سواء كانوا في سن الشباب أو المتقدمين بالعمر يفكرون بمغادرة البلد، والعديد من الاصدقاء طلبوا مني البحث لهم عن شقق رخيصة الايجار للاقامة في الأردن بانتظار الفرج! بعد أن فقد الجميع الأمل وأصبحت الحياة حاشدة ب"اللاءات"!.. لا كهرباء، لا أدوية، لا ماء، لا غذاء، لا محروقات ..الخ، وانهارت قيمة الليرة، وأصبح الدولار يعادل 15 ألف ليرة، والصور التي تنقلها الفضائيات لطوابير المركبات، التي تصطف في الشوارع لبضع ساعات، للحصول?على ما تيسر من ليترات البنزين تلخص المشهد!.
كارثة لبنان تكمن في الطبقة السياسية المهترئة، ومنذ توقفت الحرب الاهلية التي بدأت عام 1975، ووقع أمراء الطوائف وقادة الميليشيات على اتفاق الطائف في عام 1989، بدأت حرب أهلية من نوع آخر دون قتال، لكنها حرب أحقاد ومكايدات سياسية ضارية، يحركها الصراع على المصالح والفئوية والطائفية وحصص الفساد والأصابع الخارجية، وأخطر تجلياتها الفشل في تشكيل حكومة جديدة منذ عشرة أشهر!.
والعنصر الاخطر في أزمة لبنان وجود دويلة حزب الله ، فهو ينفرد في تجسيد حالة استثنائية، لا مثيل لها في أي دولة بالعالم بازدواجية عجيبة، حيث يمتلك ميليشيا مسلحة هي أقرب الى جيش حقيقي، مدججة بترسانة ضخمة من الاسلحة خارج سلطة الدولة تحت شعار مقاومة العدو، وفي نفس الوقت يشارك بالحكومة والبرلمان، كما يمتلك مؤسسات خدمية مثل المدارس والجمعيات الخيرية ومرافق صحية.. وغيرها تخدم بيئته الاجتماعية الحاضنة! وبذلك أصبح قوة أقوى من الدولة اللبنانية!.
وأكثر من ذلك فزعيم الحزب حسن نصر الله، أعلن أكثر من مرة ولاءه للولي الفقيه في ايران، وأن نظام الملالي هو المصدر الوحيد لتمويل وتسليح الحزب، ونتيجة لهذه الحالة الشاذة أصبح يمسك عمليا بمفاصل الدولة، ويعطل تشكيل الحكومة لحسابات تتعلق بمصالح ايران وأزماتها الداخلية والاقليمية والدولية، وأصبح بدهيا أنه لا يمكن للبنان أن يعود الى وضعه كدولة طبيعية، دون نزع سلاح هذه الميليشيا وتحولها الى حزب سياسي سلمي، يشارك في البرلمان والحكومة وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع!.
كان لبنان تاريخيا بحكم جغرافيته وانفتاحه، وصحافته الحرة ولكونه منطقة جذب سياحي، ساحة لتصفيات الحسابات السياسية العربية، والآن إذا بقي لدى العرب بقية من ضمير قومي وإنساني فإنهم مطالبون بإنقاذ لبنان..
[email protected]