تعودنا في ذكرى النكبة أن نستذكرها بكل حزن وخيبة أمل حتى تسرب اليأس الى نفوس كثير من ابناء الأمة، ولكنني في هذه الذكرى سانظر الى الأمام.
سأنظر إلى الامة وقد انتفضت كأن اسلاك الكهرباء قد عاد وصلها، وبدا ضوؤها، وانطلقت شرارتها، تحرق اما من لمعانها او من شظاها.
سانظر الى الامة وقد تجمعت حول القدس، وراية القدس وقد نسيت قطريتها واعراقها وتباين مجتمعاتها، ليكون الهدف واحد، كيف لا والقران الكريم يذكرنا، بالقدس و فلسطين وما حولها، وهو يتحدث عن ابي الانبياء ابراهيم ولوط عندما انحازا الى (الارض التي باركنا فيها للعالمين)، اذ هي مباركة لكل العالمين، فهي ارض الرسالات، من هنا كان التوحيد، هنا ولد عيسى عليه السلام، واسري بمحمد صلى الله عليه و سلم، والريح تجري بسليمان (الى الارض التي باركنا فيها) وليس (من الارض التي باركنا فيها)، فراية القدس هي راية صلاح الدين وقطز وبيبرس، وهي الراية التي ان رفعت اعادت للامة ألقها وصيرورتها ومجدها وعمق تاريخها ونظرة مستقبلها.
سانظر الى شباب فلسطين وهم يقتحمون الموت دونما وجل او هيبة، تجمعهم راية القدس، ولا يلتفتون الى فصيل، او منبت، اذا نظرت اليهم خارج خطوط المواجهة تقول هل صحيح ان هذا هو الجيل المطلوب، لكنهم في الحقيقة هم طلائع جيل التحرير الذي تربى في زمن النكبة، وفلسطين لا ينقصها الرجال وانما ينقصها المدد المالي والمعنوي وعدم الخذلان وعدم الطعن او الغدر او التآمر عليهم من دخيل على الامة، وممن لا يؤمنون انها امتهم ذات المجد التليد والمستقبل الزاهر باذن الله.
كل واحد منا مطلوب منه ان يقدم من موقعه ما يستطيع، الاعلامي وصاحب القلم والفكر وصاحب المال والسياسي لتتضافر الجهود ولكي لا يشعر الفلسطيني انه وحده يقارع الاحتلال.
انظر الى هذه الامة وانا ارى شبابها يصنعون من اللاشيء شيئاً ومن حطام الارض وحديدها سلاحهم الذي اضاء في زمن القصعة والغثاء سماء ارضهم التي ترزح تحت اطول احتلال في العصر الحديث.
مازلت وزلنا نذكر شباب الامة ان بوصلة العداء واحدة، وان المحتل هو نفسه لم ولن يتغير الا ان تتغير معادلة وميزان القوة، لانه لا يفهم غيرها.
اكتب عن ذكرى النكبة في هذه الايام وقد عايشناها، وذقنا مرارتها ونحن لا نستحقها كامة، ونقرأ قوله تعالى (وتلك الايام نداولها بين الناس) كل الناس فالايام دول، كما ان هناك هزيمة او انكساراً يمكن ان يكون هناك نصر، ولو بعد حين، وتسألون متى؟ نقول (عسى ان يكون قريباً).