النائب د. فايز بصبوص
منذ التاسيس والاستقلال خاض هذا الوطن الحبيب معارك لا تعد ولا تحصى في سبيل الحفاظ على ثوابت الثورة العربية الكبرى والتي يجسدها وعلى مدار مئة عام منذ التاسيس مرورا بالاستقلال والبناء وصولا الى التعزيز الحقيقي لتجليات ذلك الصمود كنا وما زلنا نحافظ على ثوابتنا القيمية في كل ابعادها الروحية والقومية والوطنية على مدار التاريخ وحتى مرحلة التعزيز التي تمحورت حول رؤية جديدة كليه مزجت بشكل خلاق وابداعي ما بين الاصالة والحداثة واخرجت التناقضات الكلية من الضاد الى التناغم والانسجام والوئام في البعد الداخلي وفي التكوين الفسيفسائي لبنية هذا الوطن في بعده الديمغرافي.
هذا التعزيز والذي انطلق مع تولي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية متحديا من خلال رؤيته الاستشرافية كل العقبات التي واجهت هذا الوطن الحبيب ابتدأ من دعوته المبكرة الى تجسيد مفهوم الوسطية والاعتدال من خلال رسالة عمان التي ارست مبادئ التوافق للكل الاسلامي نحو نهج متوازن ووسطي مستشرفا جلالته بتلك المخاطر التي تلت رسالة عمان من تطور لايدلوجية التطرف والانعزال والعصبية الدينية المفرطة البعيدة كل البعد عن مرتكزات ومقومات واسس ديننا الاسلامي الحنيف فلو تم ترجمة مضامين رسالة عمان بالممارسة والتطبيق لاستهداف الوعي الجمعي الاسلامي لما دخلنا في مرحلة الظلامية التي تجسدت من خلال بروز الحركات الاسلامية المتطرفة وصولا الى ممارسة الارهاب على قاعدة النحنوية واحتكار الراي والتناقض كليا مع سمة الوجود والخلق القائمة على وحدانية الخالق وتعدد الخلائق.
اما البعد الاستشرافي الاخر والذي عالجته مرحلة التعزيز هو تهيئة واعداد الوعي الجمعي الاردني لمشروع الاصلاح الوطني الشامل والذي اسس له ببعده النظري جلالة الملك من خلال اوراقه النقاشية السبع مسشرفا ما قد يحدث من تطورات وشغف للمواطن العربي عامة والاردني خاصة نحو الحرية واحترام الراي والراي الاخر والمشاركة في صناعة القرارات الاستراتيجية للدول العربية وهو ما احدث ما سمي بثوارت الربيع العربي والتي ادت الى تحول جذري في قراءة متاخرة للنظام السياسي العربي اتجاه الشغف العربي للحرية والكرامة والمشاركة.
هذا جانب من سير المرتكزات النظرية والفلسفية والاستشرافية لجلالة الملك قبل الاحداث الصادمة التي تلقاها المجتمع العربي خلال فترة العقدين السابقين.
اما في الجانب السياسي فان التمسك والصلابة في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وعدم التزحزح قيد انملة عن مبادئ وثوابت الهاشميين تجاه السيادة العربية لتراب فلسطين والمقدسات الاسلامية والمسيحية في مدينة القدس من خلال الوصاية الهاشمية عليها والتحذيرات المتراكمة عليها من خلال تغييب القضية الفلسطينية عن الاجندات الدولية والاقليمية سيكون له تبعات كارثية على الاستقرار والسلم في منطقتنا وهو ما نلمسه بشكل مباشر في فترات متقاربة للتصعيد الصهيوني ضد الفلسطينين وضد الواقع التاريخي والقانوني لمدينة القدس المباركة وما استتبعها من ممارسات صهيونية لتوسيع دائرة الاستيطان لترجمة مشروع الضم الناعم والمتدرج للاراضي الفلسطينية وخاصة مدينة القدس.
كل تلك الاحداث والتطورات والتي تلقى تجليها في هذا اليوم من خلال سياسة الاحلال في ميسلون والشيخ جراح والنقب والجليل كل ذلك قد حذر منه جلالة الملك خلال مسيرة التعزيز التي قادها باقتدار جلالته بالاعتماد على المسؤولية المجتمعية والحس الوطني والقومي للشعب الاردني والتناغم غير المسبوق ما بين القيادة والشعب للصمود امام التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي واجهها الاردن على مسار التاريخ والتي تجلت باخطر تجلياتها بالعقد السابق لهذا القرن.
هذه هي ملامح تعزيز الاستقلال في ظل صاحب الجلالة المفدى عبدالله الثاني ابن الحسين وكل عام ووطننا الحبيب وفلسطين الابية بالف الف خير.