لا يريد أي منا شرخ تلك الصورة التضامنية الفريدة التي جسدت حقيقة علاقة الاردنيين بفلسطين، والانسجام الكامل بين القيادة والشعب ، فما حدث في الكرامة هي رسالة قوية لإسرائيل مفادها أن موقف الأردن الرسمي والشعبي موقف موحد ومنسجم ولا مجال للتشكيك أو محاولة البحث عن شرخ أو منفذ لزرع الفتن بين الشعب ومؤسساته.
المؤسسات الامنية وجدت لحماية وتسهيل وضمان أمن المواطن حتى وهو يعبر عن رأيه ،ويختار مكان وزمان حراكه بحرية مطلقة ودون أية ضوابط او تقييد إلا في حدود تضمن حمايته وعدم الاضرار به في ذروة إنفعالاته وقلقه على مصير مقدساته وأقصاه المبارك.
اليوم لا يمكن ان يقبل الجيش العربي بالاضرار بأي مواطن أو السماح بالإعتداء عليه من قبل جنود الاحتلال في المنطقة الحدودية، لأن ثمن ذلك وكلفه ستكون باهظة،ولا يمكن تحمّل أو تمرير نزف ولو قطرة دم واحدة لأي أردني غيور على مقدساته وبيت المقدس الشريف، فهذه رسالة جيشنا العربي المصطفوي التاريخية والحضارية والعقائدية، الذي يحمل السلاح بيد ويضمد جراح الشقيق الفلسطيني باليد الأخرى.
الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية وجدت لحماية المواطن والسهر على أمنه واستقراره، ليس على طول الجبهة الغربية فحسب بل على طول الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية ايضا، فهذه العين الساهرة لا تغفل ولاتستكين، وأجهزتنا الأمنية هي من قامت وتابعت وصول المتظاهرين لموقع فعالية نصرة الأقصى والشعب الفلسطيني قرب الحدود الأردنية - الفلسطينية،على مدى يومين، وهي تدرك مدى المخاطرة والاندفاعية وحماس الجمهور الذي إستفزه العدوان الإسرائيلي السافر على شقيقه الفلسطيني الأعزل.
الجميع يعلم حجم ما يقدمه الأردن على كافة الصعد من أجل حماية الأقصى وتثبيت الفلسطينيين على أرضهم وفي ممتلكاتهم في الشيخ جراح وبقية الأراضي المحتلة، وتبقى حالة السلم والحرب قرار الدولة الذي يرتبط بمعطيات سياسية وعسكرية وأمنية معينة، ولا تحكمه ظروف أو حالة عاطفية جماهيرية، أو إندفاع ناتج عن فلتان أمني بالمناطق الحدودية التي تحكمها مواثيق وقوانين دولية متعارف عليها.
ما يبهرنا دائما تلك العلاقة العفوية والترابط الوثيق بين أبناء شعبنا الوفي وأجهزتنا الأمنية المختلفة، وهي علاقة فريدة تحكمها إعتبارات كثيرة تتعلق بتضحيات وبطولات جيشنا ،من جهة، والشعور الدائم بالعرفان والتقدير الشعبي ،للجيش الذي قدم للمتظاهرين كل أشكال الدعم والحماية ، حتى لا يسمح للأعداء بالنيل من كرامته وحياته بحجة إجتياز الحدود وتشكيل خطر على جيش الاحتلال، من جهة أحرى.
فما تقوم به الدولة على كافة الصعد الدبلوماسية والإنسانية والوطنية والقانونية، أمر نفتخر ونعتز به ، وهو جهد كبير يشهد له القاصي والداني ولا ننتظر المديح من أحد لان هذا الدور ليس وليد اللحظة بل هو دور تاريخي وقومي مبدأي منذ بداية القضية المركزية الأولى للأمة وحتى اليوم، ولكل من جوانب ومراحل هذه القضية أدواتها وظروفها ومدخلاتها، التي بدأت بتقديم الأرواح رخيصة لحماية المقدسات في الاقصى المبارك وباب الواد واللطرون والسموع ، واستمرت لتتواصل اليوم لتأخذ أشكالاً أخرى من الكفاح والنضال، ولا يمكن لأي كان التشكيك بالثمن والتضحيات التي قدمت الى القدس بالنسبة للأردن والأردنيين ، كما الفلسطينيين، وهي التي لا تقدر بثمن ولا تباع ولا تشترى.
لنكمل مسيرة النضال جيشاً وشعباً ولنتحد خلف أجهزتنا الأمنية فهي درعنا ورمز وحدتنا وعزتنا، وستبقى مسيرة الاقصى على الحدود الاردنية الفلسطينية وحراكها الشعبي، رسالة للاحتلال بأن ما يقوم به من أعمال وحشية وجرائم بشعة، يوحد الأمة ويحرك مشاعرها ، ولا تقبل هذه الجماهير أن يقدم الشعب الفلسطيني الاعزل لقمة سائغة للجيش الإسرائيلي الذي يستخدم الاسلحة المحرمة والقتل بحق أطفال ونساء وشيوخ فلسطين ويعتدي على المصلين ويدنس مقدساتهم وأقصاهم ليل نهار على مرأى ومسمع العالم أجمع دون أن يحرك ساكنا.
نفتخر بما ما تقوم به الدولة الاردنية، شعبا وقياده ومؤسسات، كما نفتخر بالروابط الوثيقة بين الجيش والشعب، وكله لمناصرة الفلسطينيين وهذا ليس منة أو فضلاً بل هو واجبنا وواجب كل عربي ومسلم حر وشريف.
مواضيع ذات صلة