كتاب

رسالة حازمة..

تتواصل ملامح الغضبة الملكية والتوجه الحاسم لوضع الأمور في نصابها دون إبطاء أو تأجيل أو تسويف، فليس مقبولاً في الأردن أن نخسر أي مواطن نتيجة الإهمال، وتعدّى الإصرار في لهجة الملك مع تأكيده على أنه سيحاسب كل شخص قصر في عمله وفي حماية أرواح الأردنيين، وهو الوعيد الذي أخذ صيغة المتحدث استناداً إلى المرجعية الملكية التي تبقى الملاذ للأردنيين في الأوقات العصيبة، والأردنيون في هذه المناسبات لا يجدون، من بعد الله عزّ وجلّ، سوى جلالة الملك ليتحصنوا بحماه.

الخوف من الله، والعمل من القلب لمصلحة الوطن، هي شروط الملك التي وضعها في اجتماع مجلس السياسات بالأمس، وكم هي شروط واضحة ومباشرة، وكم من آلاف الأردنيين يستطيعون أن يؤدوها للوطن والمواطن، وإذا كان بعض المسؤولين لا يرتقون في السلوك والممارسة لمهام مناصبهم فعليهم التنحي لأن الأردن مليء بالكفاءات التي تستطيع أن تخدم البلد والإنسان، فالمنصب ليس للترضية والمجاملة، بل للخدمة المخلصة للأردن والأردنيين.

لم تكن قسمات وملامح جلالة الملك غاضبة بهذه الصورة من قبل، فكان يتحدث بنبرة أردني مكلوم وحزين للخسائر في الأرواح التي ذهبت ضحية الإهمال، ولذلك كانت كلماته تشبه كل الحديث الذي تبادله الأردنيون خلال الأيام الماضية والذي استلهموه من زيارة الملك إلى مستشفى السلط وانفعاله أمام التهوين والتخفيف من أثر الصدمة، وقالها الملك: بيكفي، خلص.

يقطع الملك بحزمه ومن مقام العشق للأردن والأردنيين ما يروجه البعض للتملص من المسؤولية حول ثقافة الإهمال والفساد في المجتمع، فالأردنيون الذين يعرفهم الملك، والذين يلتفون حوله ويمضون من ورائه ثقافتهم الشرف والرجولة والكرامة، وليسوا بحاجة لمن يحبطهم أو يشككهم في أنفسهم، فقلوبهم عامرة بالإيمان في الله والإخلاص لقيادتهم والثقة في ذاتهم الوطنية التي تشبه الأردن الذي استطاع أن يعبر مئوية كاملة ثابتاً ومتقدماً في وسط منطقة شهدت زلازل استراتيجية كثيرة لم تزحزح الأردن عن ثوابته ولم تجعله يتراجع للوراء، ومهما كانت الظ?وف صعبة وغير مواتية فالأردن بعزمه لا يحرف بوصلته عن تحقيق تقدمه ورفعته.

يطلب الملك من الجميع أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية في مواجهة التحديات، قطاعاً عاماً وخاصاً، فالأردنيون يحتاجون روح الفريق الواحد من أجل العبور من أزمة عالمية جارفة وغير مسبوقة وأمام عدو لا يمكن مواجهته إلا بأعلى درجات التركيز والكفاءة حيث لا مكان للأخطاء، وقيم مثل التساهل أو التراخي لا يجب أن تستقر في قاموس الفعل الوطني الأردني، والملك يرفض أن يستسلم الأردنيون لهذه القيم بوصفها أمراً لا مناص منه، فالأردنيون من وجهة نظر جلالته أهل لقيم العمل والعطاء والإيثار والتضحية، والمسؤولون عليهم أن يقدموا ما يثبت استح?اقهم لخدمة هذا الشعب النبيل من خلال التفاني والإخلاص في الخدمة العامة التي يجب أن تعود الى المستوى الذي يليق بالأردن وتاريخه ويمكن أن ينبني عليها مستقبله.