د. حسام باسم حداد
إن ظهور شركات التكنولوجيا المالية جنباً إلى جنب مع المؤسسات المالية ومقدمي الحلول الرقمية تتيح فرصاً جديدة في مجال الشمول المالي، حيث تعتبر التكنولوجيا المالية عاملاً ممكنناً للاقتصادات لتداخلها بين عدد من القطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي. وتُعَرفُ التكنولوجيا المالية (FinTech)على أنها تلك التقنيات والابتكارات التي تسعى لمنافسة الأساليب المالية التقليدية عند تقديم الخدمات المالية. وهذا ما يدعو صُنَّاع السياسات للتصدي لمخاطر التكنولوجيا وخصوصا ما يستجد في مجال التمويل كالمدفوعات والاقراض والتأمين والادخار والاستثمار.تسعى الدول لاغتنام الفرص التي تتيحها التكنولوجيا المالية من أجل تعزيز النمو والشمول الاقتصادي وتخفيض عدم المساواة مع تحقيق التوازن بين المخاطر المحيطة بالاستقرار والنزاهة من جراء الجريمة الالكترونية. ولقد فرضت جائحة كورونا معالم جديدة مختلفة حيث أصبح العالم أكثر اعتماداً على الخدمات المالية الإلكترونية، وتتوقف زيادة أضرار التكنولوجيا المالية عن نفعها على الإجراءات التي تتخذها الحكومات في الحفاظ على الثقة والنزاهة والصلابة والاستقرار مع مراعاة حماية النظام والمستهلك المالي.
وتعد تقنية البلوك تشين المبنية على تقنية السجل المركزي من أشهر ابتكارات التكنولوجيا المالية مع الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة والخدمات السحابية، حيث تستخدم هذه التقنيات نظراً لكفاءتها للوصول للأسواق بسرعة وأمان بكلفة زهيدة، ويمكن توظيفها في المقاصة والتسوية والمدفوعات النقدية والرقمية وتحويل الاموال العابر الحدود. إن العملات الرقمية يمكن أن تكون وسيلة دفع جذابة، ولكن يتعين على صناع السياسات وضع قواعد تنظيمية وأسس قانونية على المدى الطويل للحد من المخاطر مثل خرق أمن البيانات وانتهاك خصوصية البيانات وصولاً للنظام المالي كالغش والاحتيال والفيروسات والهجمات الإلكترونية. ومن الخيارات المتاحة في هذا الشأن اشتراط دعم جهات إصدار العملات الرقمية المستقرة لعملاتها دعما كاملاً باحتياطات البنك المركزي. وهذه هي إحدى الطرق التي تجعل دعم العملات الرقمية من البنوك المركزية حقيقة واقعية.
وتتوقف كل هذه التطورات التكنولوجية على إمكانية الربط بشبكة الإنترنت، ولكن إمكانية استخدام الإنترنت ماتزال من أشكال الرفاهية، فنصف سكان العالم لاتتوافر لهم فرصة استخدام الانترنت. فالفجوة الرقمية أي فجوة من لديهم إمكانية الاستفادة من خدمة الانترنت والذين لا تتوافر لهم الخدمة أشبه ما تكون بالهوة بين الدول.إن هناك العديد من الحلول الممكنة من أجل تعزيز فرص الربط بشبكة الانترنت وتشجيع الشمول المالي، وتعزيز تطوير القطاع المالي، وزيادة إمكانية تحقيق النمو الاحتوائي، ومن ثم الحد من الفقر.
ما يساعد الدول للتصدي للمخاطر التكنولوجية هو توثيق التعاون الدولي، وزيادة اتساق القواعد التنظيمية وتقوية أعمال الرقابة عبر رفع درجة الاستعداد للأزمات وتحسين التخطيط.وتعدتنمية القدرات لمكافحة الجريمة الإلكترونية وتطوير المهارات والخبرات أمر حتمي لإدراك مخاطر الجريمة الإلكترونية والتخفيف من حدتها.برأيي، إن الاستفادة من التكنولوجيا المالية يتطلب سد الفجوة الرقمية بإتاحة خدمة الإنترنت للجميع واستحداث تخصص التكنولوجيا المالية في الجامعات لخلق جيل واع ومواكب للمستجدات المالية العالمية.
[email protected]