كتاب

مفهوم المعارضة في القانون وعلم السياسة

يمكننا تعريف المعارضة في النظم السياسية، بأنها مجموعة من الجماعات أو الأفراد تمارس وتعبر عن آرائها ونشاطاتها الفكرية، من خلال تنظيمات شرعية تسمى (مؤسسات المجتمع المدني)، في حين أن هناك نوعا آخر من المعارضة الخارجية أكانوا أفراداً أو جماعات, تمارس نشاطها من خارج البلاد, غير مقتنعين بجدوى المعارضة الداخلية, أو يتخوفون على أنفسهم من الاعتقال, لأن أنظمتهم السياسية قد جرمتهم بسبب آرائهم السياسية وانتماءاتهم الفكرية, باعتبارهم أشخاصا أو تنظيمات خارجة عن قانون الدولة.

وقد تتحول المعارضة اذا كان لها امتداد شعبي داخل الدولة, الى تنظيم ثوري عسكري. فإذا ما سلمنا أن مثل تلك المعارضة تنتمي على الأغلب الى الدول غير الديمقراطية أو القمعية, فليس أمام هذا النوع من المعارضة سوى خيارين: إما الاستمرار بالمعارضة أوالاعتقال والمحاكمة. إن الحديث عن المعارضة الخارجية, يدخلنا في متاهات كثيرة, فمنها من هو على حق, وهؤلاء الذين يعارضون أنظمة قمعية أو دكتاتورية، ومنهم من تُثار حولهم علامات الاستفهام والشكوك, فإما أن يكون مأجورا أو مستغلا من قبل دول, لديها خلافات مع الدوله التي ينتمي لها هؤلاء.

لذا فإن حديثنا هنا سوف يقتصر على المعارضة السياسية وفقا للمنظور القانوني بأنها: «تلك الجماعات التي تسعى للوصول الى الحكم من خلال ما تطرحه من رؤية وأفكار (برامج) تعبر بها عن مواقفها الرافضة لسياسات الحكومة، وتمارس تلك القوة نشاطاتها من خلال تنظيمات ومؤسسات لها شرعية دستورية وقانونية, تبيح للجميع المشاركة في العملية الديمقراطية, فتسمح للجميع دون تمييز بإنشاء مؤسسات وجمعيات مثل: الأحزاب، النقابات، المراكز، الجمعيات, وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، يعبرون من خلالها عن آرائهم ومواقفهم السياسية حول برامج وسياسات الحكومة, ويطرحون بدائل لها، وتحدد القوانين والأنظمة الآليات التي يتم من خلالها ممارسة أعمالهم ونشاطاتهم والتعبير عن آرائهم تسمى بالقوانين (الناظمة للحريات العامة)، مثل: قانون الاجتماعات العامة، الأحزاب السياسية الانتخابات، فتتنافس جميع القوى السياسية دون تمييز, بالانتخابات بهدف الوصول للحكم أو المشاركة في اتخاذ القرار السياسي, من خلال إيصال منتسبيها الى مراكز اتخاذ القرار, أكان ذلك يتعلق ابتداء بانتخاب رئيس الدولة أو رئيس الوزراء, حسب طبيعة النظام السياسي.

وبالعادة تحاول تلك القوى السياسية الحصول على الأغلبية البرلمانية, إما منفردة أو من خلال إئتلاف قوى سياسية متشابهة, من أجل تشكيل الحكومة, فتشكل القوى السياسية الأخرى معارضة داخل البرلمان, أو في أية هيئة منتخبة أخرى, فتخضع بذلك أعمال الحكومة لرقابة سياسية وتشريعية مستمرة.

وهنا يأتي دور تلك القوى السياسية الحاكمة أو المعارضة بالتأثير وإقناع الرأي العام بمواقفها بما تمتلكه من وسائل مادية ومعنوية قادرة على التأثير على توجهات الرأي العام ألا وهي السلطة الرابعة (الإعلام) بمختلف اشكالها وانواعها, وهذا ما يعبر عنه في علم السياسة بالوسائل المستخدمة (باللعبة الديمقراطية), ففي النظم السياسية الديمقراطية, فإن الإختلاف بين الأحزاب المعارضة والأحزاب الحاكمة, هو إختلاف إيجابي يتعلق برؤية كل منهم لأسلوب الحكم لا أكثر, فكلاهما بالنتيجة وجهان لعملة واحدة هي الدولة.

المستشار واستاذ القانون الدولي العام