كتاب

ترمب: المعركة تبدأ الآن!؟

ردت المحكمة الفيدرالية العليا الطعن المُقدَّم من ولاية تكساس وأربع ولايات أخرى، وبذلك خسر الحزب الجمهوري هذه القضية مثلما خسر قبلها 55 قضية في المحاكم العليا في الولايات وعلى الرغم من مناصرة 126 عضوا جمهوريا من مجلس النواب للدعوى لأن المحكمة الفيدرالية ليست صاحبة اختصاص، حيث أن الطعون في العملية الانتخابية تقدم في الولاية نفسها لأن كل ولاية لها قوانينها الخاصة وآليات إجراء الانتخابات العامة، إذ لا يوجد مبرر لإعادة فرز الأصوات أو إلغاء الأصوات التي قدمت عبر البريد، وقد غرّد الرئيس ترمب «بأن المعركة تبدأ الآن» وأن التزوير في كل مكان وهذه وصمة عار، وان الانتخابات الرئاسية «سرقت منه»، فمنذ تاريخ إجراء الانتخابات يوم 3/11/2020 وكل ما حدث لم يكن معركة؟ فاز الرئيس بايدن بما يقارب من 81 مليون صوت وحصل في المجمع الانتخابي على 306 ويوم الاثنين 14 الحالي ستقدم تجميع اصوات المجمع، ان الرئيس ترمب غير مقتنع بانه خسر الانتخابات ويعتقد ان التزوير والتصويت عبر البريد غير المعترف به هو سبب الانتكاسة وحالة اليأس التي يمر بها ويبدو انه لن يسلم بسهولة فالانتقال السلمي للسلطة يوم 20/1/2021 سوف يسبقه شيء ما حيث يقول إن المعركة بدأت الآن، إذاً على ماذا يعتمد؟ وماذا يقصد بذلك الكلام هنا في سياق التحليل السياسي للحالة التي تمر بها الولايات الاميركية المتحدة، انصار ترمب يغلقون الشوارع المحيطة بالبيت الابيض ويرفعون نفس شعارات ترمب في التزوير وسرقة الانتخابات، اذن نحن امام حالة من الانقسام في المجتمع الاميركي بين التيار اليمني المحافظ والتيارات الاخرى المؤيدة لجو بايدن، فالاعتماد على التظاهرات، وخلق الفوضى في الشارع، ومحاولة تهييج الجماهير ضد النظام الانتخابي والقانوني معاً، ان اخطر ما يمكن قوله هنا ان شرخاً بدأ يتسع في بنية المجتمع الاميركي، والخطر الاكبر هو حدوث الفوضى العارمة داخل الولايات بين جمهوريين وديمقراطيين والقوى المجتمعية الاخرى، وباعتقادنا ان الرئيس ترمب يراهن بقوة على تعميق هذا الشرخ واستغلال الفوضى التي ربما تدفع الجيش للنزول للشوارع، آخذين بالاعتبار ان هناك العديد من المنظمات المسلمة واليمينية المتطرفة التي ترغب برؤية ذلك على ارض الواقع وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك منظمة لوكلوس كلان K.K.K وهي من اشهر الجماعات المتطرفة وقد فعلت في السابق فوضى في العديد من الولايات، وهناك منظمة «أنتفيا» التي تؤمن بتفوق العرق الابيض، وكذلك «اليمين البديل» التي تؤيد ما يدعى بالعنصرية اللطيفة، ناهيك عن جماعة «الانارشيزم» الفوضى هي الحل لديهم، وحليقو الرؤوس «skinheads» المؤمنون بوطن ابيض، كذلك «النازيون الجدد» عنصرية ومعادية للسامية، وهناك العديد من الجماعات والمنظمات المنتشرة في ارجاء الولايات وتحمل نفس القيم والاهداف ومن هنا فهي جاهزة للضغط على الزناد ونشر الفوضى والتمرد والنهب والسلب واشعال الحرائق والاعتداء على المكونات الاجتماعية الأخرى، هل هذا ما يراهن عليه الرئيس الاميركي برفضه الاعتراف بالهزيمة؟ وباعتقادنا ان لديه مثل هذه الميول والنزعات من خلال سلوكه السياسي وتغريداته المستمرة. انه لن يستسلم بسهولة، ويبدو انه يقود معركة ضد النظام كله وضد الدستور، وضد القيم والاعراف السائدة اذ يقف خلفه ما يزيد على 74 مليونا من الانجليكان وقوى خفية أخرى، ونرى ان قوة الدستور، والديمقراطية والاخلاق والاعراف هي التي سوف تنتصر في النهاية، صحيح نحن امام حالة فريدة من نوعها لم تحدث في التاريخ السياسي الاميركي ومن الممكن ان يتدخل الجيش الذي هو حامي الدستور وسوف ينسحب مهزوما يائساً يحمل غروره ويسيء لإرثه السياسي، وحتى الحزب الجمهوري في قادم السنوات سوف يتأثر بما جرى منعكساً عليه بسلبية طويلة المدى، ورغم كل شيء ان ترمب لن يحضر يوم التنصيب للرئيس الجديد والخمسة والثلاثون يوما القادمة حبلى بالمفاجآت.