عبدالهادي راجي المجالي
ميزة الرئيس الحالي (بشر الخصاونة), أن لديه موهبة الكتابة, تماما مثل موهبة الحديث وقد نشأ على مقالات طارق مصاروة, وفهد الفانك وجورج حداد.. قبل (20) عاماً شاهدته مع طارق مريود التل, وناهض حتر.. ومجموعة من المثقفين, كانوا يتحدثون عن الشخصية الوطنية الأردنية, ومراحل تطورها.. حديثه كان يوحي بأنه قرأ كل شيء, من عرار مروراً بالبدوي الملثم وحتى تيسير السبول.. كنا في بداية عملنا بالصحافة الاسبوعية واليومية, واستمعنا لوجهة نظره.. وصمتنا لأن حديثه كان مقنعاً جداً.
الجيل الذي منه الرئيس, ساهمت الرأي في تشكيل وجدانه ووعيه, فهو من قراء راكان المجالي.. وهو من الذين قرأوا قصائد حبيب الزيودي وحيدر محمود, وكان يطيل قراءة ما يكتبه طارق مصاروة.. وكان يدرك أنها إرث وصفي التل, والصحيفة الوحيدة في العالم العربي التي أنشئت بقرار دفاع, وليس بقرار مجلس وزراء.. مادام أن الرأي هي التي حضنت وعينا وشكلته, مادام أنها الصحيفة.. التي أنتجت دفاعاً منضبطاً وصارماً عن الدولة ومشروعها, ما دام أنها الصحيفة اليومية الوحيدة.. التي خرجت بسطور قومية, وبوعي قومي.. مادام أن وصفي مر على أدراجها, وكان يحلم بمشروع تنويري أردني, وما دام أن سليمان عرار وجمعة حماد, ومحمود الكايد..أمضوا أعمارهم فيها, لماذا وفي لجة تعب الرأي وأرقها.. يجافيها الخلان ويبتعدون قليلاً عنها, كان من الممكن أن يزوروها.. وهو لا يزور مؤسسة تنتج ورقاً ومقالات وإعلانات.. بقدر ما يزور وجدان الأردني ونبضه.
نحن لا نتسول عطف أحد, لكننا نحفز في الناس المسؤولية الوطنية.. وأنا أعرف أن صحيفتي التي أفنيت نصف عمري بها, (20) عاماً وأنا أكتب في صفحاتها.. تحتاج مني الآن أن أخوض معركتها في البقاء والصمود والعودة لما كانت عليه, وتحتاج مني أن أذكر من يحملون على عاتقهم مسؤولية حماية وصون الوجدان الأردني, أذكرهم بأن الرأي كانت وجداننا, ودافعت عن الحلم والوطن.. واحتضنتنا كما لم يفعل أهلنا معنا.
لا أريد أن أمر يوماً من جانبها, وأتحسر على ما فات, لا أريد لها أن تتحول الى طلل.. أو أن يقام مكان المبنى مبنى آخر, وندفن خطى وصفي.. وإبراهيم الحباشنة, مرة أخرى.. أنا لا أريد أن يتورط البعض في اغتيال التنوير والوعي.. ورجفة القلم, وانتظار الطبعة الأولى.. ومتابعة المشوار في التحرير, أنا لا أريد أن أتحول من كاتب.. أعطتني الرأي المال والشهرة وراحة البال, إلى رجل يشكو الحال.. وتأخر الراتب..
دولة الرئيس..
وجدان الأردني وضميره, مثل خبزه تماماً.. والرأي تحتاج وقفتك, على الأقل عرفانا لزمن كنا فيه شبابا مثل الصوان, وكانت هذه الجميلة الكبيرة الرائعة, تزرع فينا الوطن مثل شتلات الورد تماماً..
[email protected]