تغريدة ملكية حملت الكثير من المعاني، وإن يكن المعنى واضحاً بالنسبة للعرب والمسلمين الذين يعرفون حق المعرفة ما قصده الملك من اختياره لآيتين كريمتين من محكم التنزيل، فإن المتابع الغربي سيجد نفسه أمام فرصة للتعرف على الوجه الحقيقي للإسلام، وعلى نبيه الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، خير العالمين وخاتم المرسلين.
في الآية الأولى يستذكر الملك الخلق العظيم بوصفه المعجزة النبوية، بجانب القرآن بوصفه المعجزة السماوية، التي جعلت النبي، صلى الله عليه وسلم، يواجه مجتمعه الجاهلي دون أن يكون لأحد عليه ولو مطعن واحد في أربعين سنة قضاها النبي قبل بعثته، حتى أن الناس دعته بالصادق الأمين، ولم يشكك أحدٌ على الرغم من السعي الحثيث لتفنيد رسالته في شخصية النبي وأخلاقه الكريمة التي بقيت مضرباً للمثل.
ويستذكر جلالته في آية أخرى، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من التهجم المستمر عليه، ومحاصرته وآل بيته وأقاربه، ومحاولات الايذاء المادي والمعنوي، كان يركن إلى الله عزوجل الذي وعده بأن يكفيه المستهزئين، وقد كان ذلك بأن خرجت رسالته للعالمين لتصبح هدياً لمليارات البشر عبر القرون، فكانت الكلمة للوعد الإلهي الذي أوفاه، جل في علاه، للنبي ليبقى أكثر من مليار مسلم يلهجون بذكره أناء الليل وأطراف النهار.
إنها رسالة مختصرة وبليغة وجامعة مانعة، يترفع فيها جلالته عن الانزلاق للحضيض في مناقشة المتهجمين على النبي الكريم، ويقتدي بهدي النبي، ويعرض عنهم كما أوصى الله تعالى نبيه، فالكلمة الأخيرة هي في الدور الحضاري الذي يجب أن يؤديه المسلمون إلى العالم كما كانوا وهم يستظلون بسنة النبي ويقتدون بشخصيته.
في الوقت الذي يخوض فيه أصحاب الأجندات من العصابيين والمتطرفين يتحيز جلالة الملك للإنسان، ويتابع أحوال مواطنين أردنيين تعرضا لاعتداء غير مقبول في فرنسا، ويوجه وزارة الخارجية لاتخاذ التدابير المناسبة لعونهما، فالإنسان يبقى في مقدمة إهتمامات جلالته، وهذه من الشيم التي توارثها بيت النبوة جيلاً بعد جيل، ولذلك أتى اتصاله بالمواطنين ليدعمهما نفسياً، وليوصل رسالة بأن وراءهما دولة ستقوم بدعم رعاياها وحمايتهم.
يتقصد الملك أن تصل رسالتنا الحضارية إلى العالم، وأن يقدم الأردن بوصفه أرضاً للإسلام الوسطي المعتدل الذي كان النموذج الذي حمله الفتح الإسلامي وهو يصل إلى أقاصي العالم من خلال التجارة والتعامل اليومي الذي يبدي الخلق الإسلامي السامي المستلهم من شخصية النبي الكريم وسنته المطهرة.
هكذا يكون الرد على المستوى الحضاري، أما على المستوى السياسي، فكانت الحكومة الأردنية مبادرةً باتخاذ موقف واضح من خلال استنكارها للسلوك الفرنسي، واستدعائها للسفيرة الفرنسية في عمان وإبلاغها رسمياً بموقف الأردن وقيادته وشعبه، وهي الخطوة التي تتواصل مع جهود دبلوماسية يتابعها جلالة الملك كي يسمع صوت الحق والاعتدال في وسط الأصوات الناعقة التي تتخفى وراء حرية التعبير.
من القرآن الكريم يأتي الرد وفي آيتين تظهران منهجاً إسلامياً واضحاً يظهر الرفعة الأخلاقية التي للشخص المسلم في العموم، والخلق الملكي المستمد من تراث آل البيت وتاريخهم الطيب.
مواضيع ذات صلة