د. فيصل غرايبة
إن البقاء في البيت يجعل الأنسان في مكان آمن، يعفيه من الخروج الى مكان عمله، ومن مخالطة المصابين أو الناقلين للعدوى، لا سيما لمن قام باخذ احتياطاته من التموين والأدوية والمحروقات، ولا يحتاج الأمر إلا الصبر والانصراف إلى القيام بنشاط منزلي لا يتطلب الخروج من البيت. يقفز الذهن عادة إلى المطالعة، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة لتمضية هذا الوقت، فثمة أشغال أخرى كترتيب الأدوات والكتب والألبسة التي كان الوقت لا يسمح بترتيبها من قبل، لا سيما ونحن في فترة انتقال بين الموسمين الصيفي والشتوي، وكذلك الاتصال الهاتفي بذوي القربى، وخاصة ممن مضى وقت طويل دون الأتصال بهم، بسبب الانشغال بالعمل، وتفقد الأصدقاء وتبادل الأحاديث الخاطفة بالهاتف. ويتيح هذا الوقت لمن لديه القدرة والموهبة في الكتابة، أن يمارسها بالبيت على شكل مقالات أو روايات أو قصص، وثمة إمكانية لأرسالها بالبريد الألكتروني للجهات التي اعتاد أن يرسلها اليها. هذا عدا عن مشاهدة التلفزيون، وخاصة لمتابعة المستجدات والتعليمات الرسمية. كما أن الأمر يستلزم التوافق على تناول الأطعمة المناسبة، وخاصة مما يحضر داخل البيت، وبالأستفادة من المونة المنزلية، والأنتظام بأخذ الأدوية المستمرة لمن يعانون من السكر والضغط وما شابه، وإذا ما كان هناك أنشطة مشتركة لسكان البناية الواحدة، كخدمة النظافة والتزييت للمصاعد وضبط السلالم والأدراج والمداخل.
ولا ضير وبحدود الإمكان استفقاد ضعاف الحال ومحدودي الأمكانيات، ممن نعرف أماكن سكناهم، بالقرب من بيوتنا، وأعطائهم شيئا من الغذاء أو الألبسة أو الأغطية، وعدم الاصرار على الذهاب الى المسجد للصلاة جماعة في الظروف التي تحتم عدم الخروج الى الطرقات والشوارع، وخاصة كبار السن ممن دأبوا على الذهاب الى المساجد في أوقات الصلاة، ومما يهدد الصحة والسلامة.
وأتمنى أن لا يجد بعض السكان بهذه الظروف فرصة للتخلص من المواد التالفة في أقرب موقع كيفما اتفق، لا في الأماكن المخصصة لها، داخل البيت او خارجه، مما يجعلها في مكب طارئ للنفايات، فتزيد من الأوساخ وانبعاث روائحها الكريهة والملوثة. وعلى الجميع ان ينتبهوا الى من تسول له نفسه للآستيلاء على موجودات الحدائق أو الساحات حول البيت، مستغلا انشغال السكان داخل البيت، كاسطوانات الغاز وبعض الأدوات. كما يؤمل في هذه الحالة الطارئة، ان لا يجد من يمكث بالبيت مبررا لزيارة أحد الجيران، في سبيل تمضية الوقت، أو اذا كان أحد أفراد الأسرة مصابا بمرض أن يلازمه بالغرفة التي ينزوي فيها اهل البيت عادة، فتكون تلك فرصة لانتقال العدوى، وخاصة اذا كانت الأصابة بالكورونا أو الأنفلونزا، ولا يلح كبير العائلة على زوجته وبناته، بتحضير مأكولات تحتاج الى جهد كبير.
إذ إن من المهم أن يهدئ الانسان من روعه ويضبط نفسه، أنسان ويتجاوب مع مقتضيات الظروف.