عبدالهادي راجي المجالي
.. لم نقدم للآن تعريفاً قانونياً عن الزعران (وفارضي الإتاوات).. ولكن في النهاية الأسبقيات الجرمية كفيلة بأن تعرفهم, وكفيلة بأن تعطي الغطاء الشرعي لرجال الأمن باعتقالهم وتنظيف الشوارع منهم..
صحيح أنهم يرتدون الخواتم, وأجسادهم مليئة بالوشم.. ووجوههم تشبه الشوارع التي تعرضت لحفريات هائلة, صحيح أنهم روعوا المجتمع وأخافوه, لكن الأخطر منهم زعران ربطات العنق الفاخرة والبذلات الإيطالية, ورواد السفارات..
يقول بدر شاكر السياب: أني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون, أيخون إنسان بلاده؟ إن خان معنى أن يكون, فكيف يمكن أن يكون؟
الأزعر الحقيقي.. هو من يرتاد السفارات باسم التمويل وباسم منظمات المجتمع المدني, ويقدم دراساته الخائبة عن الأردن.. ويدعي ويكذب لأجل المال, الأزعر الحقيقي هو من جعل من غشاء البكارة قصة, هو من استغل القيم والأعراف والعادات.. وحولها لدراسات كي يشحد باسم المرأة الأردنية وحقوقها.. الأزعر الحقيقي هو باع ضميره وبدل الولاء من وطن إلى فضائية ومن تراب إلى صحيفة.. هو من لايرى الدينار الأردني بعينه, ويعشق الدولار أكثر, هو من ارتمى في أحضان السفارات.. هو من باع وسمسر باسم كل قضايانا الوطنية..هو من تعاطى مع اللاجئ على أنه أزمة, ومع المخيم على أنه كتلة..ولم يحترم مشاعر الناس والعشق المتجذر اتجاه فلسطين..
أيخون إنسان بلاده؟.. الأزعر الحقيقي هو, من رأى الغرب وحدة قياساً للأخلاق والديمقراطية, ونسي البتراء ورم.. نسي أن هذه البلد بالرغم من جوعها وتعبها..إلا أن فيها من الصبر والحياة..ما يكفي العالم, الأزعر الحقيقي هو من استغل قصة السجون في الأردن وجعل منها قضية, هو من عاب العشيرة والمخيم..هو من قدم استطلاعات للسفارات, وأرقاماً ودراسات.. ونسي أن الأردن وطن الحقيقة وليس وطن الأرقام المشبوهة.
أعود إلى سؤال بدر شاكر.. ايخون إنسان بلاده؟.. نعم يا بدر هنالك من يخونون باسم الدولار.. هنالك من يرجموننا باسم تذكرة سفر ودعوة, هنالك من يحرضون علينا في المنابر الأممية ويأتون هنا في أردية (المسكنة).. ويدعون خوفهم على البلد وأهلها.. هنالك يا بدر من يحملون على أكتافهم كل قضايا العالم وينسون قضيتنا, هنالك من تسولوا باسم اللجوء السوري وهنالك من أثروا باسم بيع الولاءات, وهنالك من امتلكوا مناصب في عواصم المال.. باسم التحليل الاستراتيجي وزج أنفوهم في خلافات وصراعات الدول..
أما نحن يا بدر شاكر.. لنا الله, ولنا من الكرك ترابها الحاني, ومن إربد لنا عناقيد العنب تضلل الرؤوس وعناقيد العنب في حوران.. صدقني أنها أحن من بنايات لندن الشاهقة وظلال برج (ايفل).. ولنا في المفرق حائط قديم نستظل به ونجلس في حضرته, وهو أنبل من كل حيطان السفارات المزروعة بمايكريفونات التجسس.. ولنا الأردن الوطن المثقل بالجراح والذي يقف بعد كل أزمة, صلباً وعظيماً وعملاقاً..
الخيانة لم تكن يوماً وجهة نظر أبداً, الخيانة واضحة.. وإن تجملت بمسميات المجتمع المدني أو منظمات لحقوق الإنسان.. الخيانة واضحة.. كوضوح الشمس.
عاشت بلادي..
[email protected]