خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

(الرجل المريض)

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد يعقوب المجدوبة العديد من الدّراسين يعزون تقدّم الأمم أو تأخّرها إلى العوامل الثقافية.

منهم هاريسون وهنتنغتون في كتابهما «أهمية الثقافة»، والذي يضربان فيه أمثلة عديدة على دول تطوّرت وتقدّمت في أوقات قياسية، ودول تأخرت وتخلفت، وأخرى بقيت تُراوح مكانها، لأسباب تعزى للثقافة.

لعلّنا نحن، محلياً وعربياً، من المراوحين مكاننا؛ وهذا يعني أننا إذا لم نعالج الخلل سنبقى متأخرين عن الركب.

فما هو الخلل بالنسبة لنا؟

إنّه خلل في الثقافة بالدرجة الأولى، فنحن لا نشذّ عن الآخرين، وما قاله هاريسون وهنتنغتون ينطبق علينا مثلما ينطبق على الدول التي أورداها في الكتاب، ومنها كوريا الجنوبية التي تقدمت بسبب القيم المجتمعية، وغانا التي تأخرت لذات السبب.

نعم علّتنا في ثقافتنا المعاصرة؛ نقول «المعاصرة»، فتاريخياً وضعنا كان مختلفاً.

ما العلّة في ثقافتنا؟

عِلل، وليست علّة واحدة.

العديد منّا يذكر توصيف الدولة العثمانية في أواخر أيامها والذي درسناه في المدرسة: «الرجل المريض».

وهذا الوصف، مع الأسف، ينطبق على ثقافتنا المعاصرة.

مجتمعنا فيه السمات والقيم الإيجابية، والتي تعّد عوامل مساعدة على التطور والتقدم. لكن فيه الكثير من السلبيات والأمراض التي تعيق المسيرة.

والعِلل عديدة وكلّنا مسؤول عنها. وقد أشار إليها كثيرون، منهم هشام شرابي في «مقدمات لدراسة المجتمع العربي» والذي يضع يده على الجرح ويحلّل العلل بالتفصيل الممتع.

من أهمهما غلبة القول على الفعل، والاتكالية، والاعتماد على الآخرين.

منذ مدّة ونحن غارقون في بحور من كلام. الآخرون يفكرون يخططون يبادرون يعملون يصممون يصنعون يخترعون، ونحن نتاجر في صناعة جلها كلام في كلام: نتفرج ونستهلك، نستخدم ما يخترعونه؛ ونعيش في الهامش.

ها نحن في أهم محنة – جائحة كورونا – ننتظر لقاحاً من الآخرين. لا حديث جاد ولا أمل في لقاح عربي.

ومنها عدم الاتزان أو الانضباط. تفرز الثقافة أفراداً فوضويين متقلبين نفسياً وذهنياً ومسلكياً، غير ثابتين على رأي أو مسار، غير مركزين غير معنيين سوى بما يحقق مآربهم بأي ثمن. لا يحترمون النظام ولا يتقيدون بالقوانين، ينافقون، ويقولون ما لا يفعلون. ازدواجية في المعايير: يتغنون بالرحمة وهم قساة، يعلون من شأن الصدق ويكذبون؛ ينادون بمحاربة الفساد وهم فاسدون.

أكبر علّة في تنفيذ الامتحانات عن بعد هذه الأيام الغش!

ومنها السلبية في التفكير والتهكّم والسخرية؛ وكره الآخرين وانتقادهم والتشكيك بهم وإلقاء الفشل عليهم؛ إنّه مرض الاسقاط، ثم ثقافة الهدم وجلد الآخر والاحباط وكره النجاح. مرض الأنا والذات المنفوخة.

وغيرها كثير.

عندما نقول فلاناً مريضاً لا نعني أن كل عضو في جسمه معتلّ، فالرشح كفيل بطرح الشخص في الفراش، وكذلك وجع الأسنان. وبذات المنطق، المرضى في مجتمعنا قلّة، لكنهم يؤثرون.

إذاً الثقافة المريضة تُعالَج، ونحن بحاجة لتطوير لقاحات لأمراضنا بأيدينا؛ ويكون ذلك من خلال إعادة هيكلة الدور التربوي للأسرة والمدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع؛ وبرؤية ثاقبة من الدولة وتنفيذ صارم وفق خطط محكمة، مثلما فعلت الدول التي غيّرت.

إن عالجنا عِلَلنا تطوّرنا، فلسنا أقل من غيرنا.؛ وإلاّ نبقى نراوح مكاننا ونندب حظّنا.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF