خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مُعضلة الإدامة

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد يعقوب المجدوبة مشاكل كثيرة في مجتمعنا تُبقينا نراوح مكاننا، لا بل تشدّنا للخلف وتحول دون إحداث النقلة الحضارية المرجوة.

منها ما يُمكن تسميته معضلة الإدامة.

ماذا نقصد؟

ببساطة المشكلة تتلخص في الآتي: نُنفّذ مشروعاً، أي مشروع كان، فنحشد له بداية كامل طاقاتنا وحماستنا، فيكون الأداء أو المردود مقبولاً، وأحياناً مُميزاً، ثم تفتر عزيمتنا شيئاً فشيئاً ويقلّ تركيزنا فيخبو البريق مع مرور الوقت وتخفّ الفاعلية ويتراجع الأداء فيتعثر المشروع أو يكون دون الطموح.

ثم نبدأ نندب حظّنا والحديث عن استراتيجيات وخطط إنقاذ، ثم نطلق خطباً نارية حول ضرورة الإصلاح والتغيير، ونغرق في مهاترات كلامية جلّها تنظير وتعميمات جارفة لا تُسمن ولا تغني من جوع.

مع أن سبب البلاء الجوهري، ببساطة، هو أننا لم نقم بالمتابعة والإدامة اللازميتن.

إذا اقتنى الواحد منا سيارة لا بد له من تنظيفها باستمرار وصيانتها حسب برنامج منتظم ليبقى أداؤها فاعلاً وشكلها أنيقاً وأعطالها معدومة أو قليلة. وهذا ما نسميه الإدامة.

وما ينطبق على السيارة ينطبق على غيرها، حرفياً ومجازياً، فالمبدأ واحد. فالشقة والشارع والملعب والمشفى والمدرسة والجامعة والفندق والمطار والمؤسسة والشركة كلها بحاجة، بعد إنشائها، لصيانة وترميم وعناية وتحديث.

المؤسسات، وهنا بيت القصيد، لا تُنشأ ثم تُترك لتسير بقوة الدفع، دون تقييم دوري وتحليل للمشاكل التي تعترضها وتطوير يستند إلى أفضل الممارسات العالمية، ومراجعة مستمرة.

العالم يتغير بسرعة وحتى تكون المؤسسة منتجة وحيوية وفاعلة لا بد للقائمين عليها من مواكبة المستجدات.

والتحدي على هذا البعد كبير في ضوء المتغيرات السريعة التي نشهدها بفعل الثورة الصناعية الرابعة التي حلّت منذ مدة والثورة الصناعية الخامسة التي أخذ فجرها يبزغ.

ويجادل العلماء أن التغيرات الآن أسرع وتيرة وأكثر زخماً وأكبر تحدياً من أي وقت مضى.

وهذا يتطلب أن يكون الفريق القائم على المؤسسة حيوياً ومتأقلماً مع الظروف ويعمل وفق خطط عمل محكمة لكنها مرنة وقابلة للتطوير والتعديل والتحوير كلّما دعت الحاجة؛ ولا تكون ثابتة ساكنة جامدة.

كما لا بد من رصد الموازنات اللازمة، ليس لمرحلة الإنشاء فحسب بل لمراحل الإدامة كافة.

وهذا ما تقوم به الدول المتطورة؛ وهو السبب - من بين أسباب أخرى - الكامن وراء أن شوارعها وملاعبها ومشافيها ومدارسها ومؤسساتها أمتن وأكثر فاعلية وحيويّة.

ولعل أدق ما يُعبّر عن وضع مؤسساتنا على اختلاف أنواعها، والتي لم تحقق النقلة المرجوة منها سوى قلة قليلة، حال طُرُقِنا. فعندما نشق طريقاً، تكون في أجمل حلّة في البداية، لكننا لا نكاد نفرح بها حتى تبدأ سلسلة الحفر تغزوها بلؤم، بفعل البشر الذين لا يتفطّنون لتمديد الأنابيب أو الكوابل إلا بعد أن تُشقّ الطريق وتُرصف وتُزفّت، وبفعل عوامل الطبيعة. فتمتلئ الطريق بالحفر، وتقع الحوادت على مختلف أنواعها.

وبعد، فلا يمكن أن نتطور ونتقدم، إذا لم نُطوِّر باستمرار ونُحسِّن ونُجوِّد؛ وهذه هي الإدامة بعينها، فنحن بارعون في إنشاء المشاريع والمؤسسات، لكننا، على نحو عام، مقصرون في إدامتها.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF