أ.د. محمد الرصاعي
رؤية جديدة استندت لها حملة «الطريق الآمن» التي أطلقتها مديرية الأمن العام قبل عدة أيام بهدف الحد من حوادث الطرق والآثار الناجمة عنها، جهات عديدة وجهود تشاركية وأدوات متنوعة، إلى جانب تأهيل كوادر بشرية في الإدارات المرورية لتقديم كافة أشكال الدعم لضبط تنامي الزيادة في حوادث السير، وتنفيذ إجراءات تجنبنا خسائر فادحة، ففي عام (2019) تسببت حوادث السير في ما يزيد عن (600) وفاة و(17000) إصابة أي بمتوسط حالتي وفاة و(47) إصابة يومياً عدا عن الخسائر المادية الكبيرة.
تهدف الحملة إلى إشراك جميع الجهات المعنية بالسلامة المرورية، كوزارة الأشغال العامة والبلديات ومدارس تدريب السائقين، إلى جانب الجهات المعنية بتعزيز السلوكات السليمة في أثناء قيادة المركبات وكذلك زيادة وعي المواطنين بمخاطر حوادث السير كالجامعات والمدارس ودور العبادة ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
كما ستوظف الحملة أدوات متنوعة في مسار زيادة الوعي ومسار ردع المخالفين للقواعد المرورية كأدوات التكنولوجيا والرسائل المباشرة الموجهة للمواطنين عبر المحاضرات والورش والعروض المسرحية والأفلام التلفزيونية والملصقات والجداريات، إلى جانب تكثيف وتنويع الرقابة المرورية.
وقد نوهت إدارة الأمن العام إلى ضرورة أن يكون الجميع شركاء في نجاح الحملة ومساندة الجهود والإجراءات ففي مقدمة ما تعول عليه الحملة هو وعي المواطن، فقد بينت الدراسات التي اهتمت بالحوادث المرورية إلى أن الأخطاء البشرية وعدم الالتزام بقواعد السير الصحيحة كانت أكثر ما يتسبب في حوادث السير كالسرعة الزائدة، والتجاوز الخاطئ، واستخدام الهاتف النقال. وفي هذا السياق يتوجب أن تمتد حالة الوعي نحو رفض المواطنين لكل تجاوز ومخالفة، ومساعدة رجال المرور والأمن العام بالإبلاغ عن التجاوزات على قواعد السير وكل ما يتسبب في مخاطر على حياة الأفراد وممتلكاتهم.
إضافة إلى ما سبق استحدثت مديرية الأمن العام مسارا مهنيا وظيفيا (المسار المروري) بحيث يتم تأهيل المشتركين بهذا المسار من مختلف الرتب للوصول إلى الاحترافية في إدارة الملف المروري والتعامل مع السلوكات المرورية للسائقين بآليات وطرق نوعية وحضارية تستند إلى خبرات ودراسات علمية حديثة.
التنويه كذلك لدور المدارس والجامعات ومناهج التعليم في بناء وتأسيس الثقافة المرورية، وإكساب النشء قيم النظام والانضباط واحترام الآخرين وإعطاء الأولوية، وحسن التعامل والإيثار، وفي جانب المهارات والممارسات لا بد من تكثيف جلسات التدريب وعدم التهاون في التأكد من قدرة السائق على قيادة مركبته بأمان وثقة، إلى جانب إجراءات فحص السائقين ومنحهم رخص القيادة.
متطلبات الطريق الآمن عديدة ويتصدرها ثقافة ووعي السائقين والمشاة قبل بنية الطريق وصلاحيتها، والعمل على تحقيق هذه المتطلبات لن يتحقق بجهد جهة واحدة فقط بل يحتاج عملا جماعيا وتعاونا جميع الأفراد والمؤسسات في الوطن، فمن غير المعقول أنَّ تتصاعد نسب حوادث السير والخسائر الناجمة عنها في مجتمع يتصف بالوعي والثقافة والمستوى العالي من التعليم، عدا عن امتلاك المجتمع الأردني منظومة قيم أخلاقية تدفع بقوة لممارسة سلوكات ايجابية تنسجم وهذه القيم ولا تقبل ما يخالفها.