أقر مجلس الوزراء قبل أيام مشروع قانون معدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2020، الذي وسع من اختصاصات الهيئة لتشمل أفعالا جرمية إضافية تتمثل بجرم غسل الأموال، وجريمة شراء الأصوات كما هي مقررة في المادة (59) من قانون الانتخاب.
إن هذا التعديل المقترح فيما يتعلق باعتبار جريمة غسل الأموال من جرائم الفساد يتوافق مع المعايير الدولية ذات الصلة. فاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 تنص صراحة في المادة (23) منها على اعتبار غسل العائدات الإجرامية صورة من صور الفساد التي يجب أن ينعقد الاختصاص بملاحقتها للهيئات الوطنية التي أنشئت لمكافحة الفساد. وكذلك الحال في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لعام 2010 التي تنص في المادة (4) منها على اعتبار غسل الأموال فعلا من أفعال الفساد. إن إعطاء الاختصاص لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد في ملاحقة جريمة غسل الأموال يتطلب جملة من التعديلات التشريعية على القوانين الوطنية ذات الصلة، أهمها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب رقم (46) لسنة 2007 وتعديلاته. فهذا القانون قد أنشأ وحدة خاصة مستقلة تسمى وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ترتبط بمحافظ البنك المركزي، حيث صدر لها في عام 2009 نظام خاص حدد اختصاصاتها والمهام التي تقوم بها لغايات مكافحة جرم غسل الأموال. بالتالي، يبقى التحدي الأبرز في كيفية التوفيق بين عمل هذه الوحدة الإدارية وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد لغايات التعامل مع جرم غسل الأموال.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الغاية من إلحاق جريمة شراء الأصوات بهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ذلك على الرغم من عدم وجود أي نص في الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد تعتبر هذا الفعل صورة من صور الفساد. فهيئة النزاهة يجب أن يتم النظر إليها كجهاز داعم ومساند للنيابة العامة في التعاطي مع الجرائم الأشد خطورة على الاقتصاد الوطني، مع الإبقاء على الإدعاء العام كصاحب الولاية العامة في تحريك الدعاوى الجزائية. إن شراء الأصوات يعد من الجنايات التي يعاقب عليها قانون الانتخاب بالحبس مدة قد تصل إلى سبع سنوات. فهو جرم لا يقارن بغسل الأموال من حيث آثاره وتبعاته على الاقتصاد الوطني، لكي يتم إلحاقه بهيئة مكافحة الفساد. هذا بالإضافة إلى أن منظومة التحقيق التي كرسها القانون لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد لا تنطبق على جرم شراء الأصوات، وتحديدا فيما يتعلق بإجراءات استرداد الأموال المتحصلة من الفساد داخل المملكة أو خارجها، إلى جانب حق الهيئة في الطلب من المحكمة المختصة وقف العمل بأي عقد أو اتفاق أو منفعة إذا تبين لها أنه قد تم الحصول عليه نتيجة فعل فساد.
إن هذا المقترح الحكومي لن يتم تطبيقه على الانتخابات النيابية القادمة، وذلك بسبب غياب السلطة التشريعية، وبالتالي عدم توافر المكنة الدستورية لإقرار هذه التعديلات وإدخالها في قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/ الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
مواضيع ذات صلة