د. شهاب المكاحله
يسألوني الكثير اليوم من كافة الدول هذا السؤال: بماذا يفكر الملك عبدالله الثاني في هذه الآونة؟
إن ما يشغل بال الملك الكثير من الشأن العام، بدءاً من إعادة عجلة ودورة الاقتصاد الأردني إلى مجراها الطبيعي وتجاوز أزمة كورونا والتسوية العادلة للقضية الفلسطينية بعيداً عن ملابسات وغموض صفقة القرن وعلاقات الأردن الخارجية والتحدي الذي تفرضه إسرائيل بإعلانها الصلف عن ضم وادي الأردن وأجزاء من الضفة الغربية.
في الآونة الأخيرة، أصاب العالم جائحة كورونا وكانت نتائج هذا الوباء مدمرة على المستوى العالمي. ونحن في الأردن نالنا نصيب من ذلك الوباء الذي أتى على اقتصادنا من كل حدب وصوب ولكن، ولأن الإنسان، هو ثروة هذا الوطن، فإننا نراهن بفضل حكمة القيادة وتكاتف الشعب أن يخرج الأردن من الأزمة بأقل خسائر ويستعد لمرحلة ما بعد كورونا.
ما يشغل فكر الملك لا يمكن حصره بنقطة أو اثنتين مع إصرار الملك عبدالله الثاني على لاءاته الثلاث: «لا للتوطين، لا للوطن البديل، والقدس خط أحمر».
فاستقرار الأردن واستعادة عافيته الاقتصادية وألقه على الساحتين الإقليمية والدولية والتصدي لمحاولات الكثيرين زعزعة استقرار المملكة هي من ضمن هواجس جلالته لأنه يعي تماماً أن المقصود منها الضغط على الأردن لتقديم تنازلات سياسية وأمنية وغيرها لـ«غاية في نفس يعقوب». وعلى رأس تلك الغايات محاولات تل أبيب المستميتة تحييد الأردن أو إبعاده عن مشهد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ولعب دور في هذا الصراع من أجل تخلي المملكة عن لعب دورها المقدس في رعاية الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية في القدس الشرقية.
كل تلك هواجس في عقل الملك يفكر بها بصمت لأنها جميعاً تشكل تهديداً حقيقياً للوطن وشعبه وقضيته العادلة. فالأردن مثقل بتحديات جسام إنسانية وسياسية وأمنية ومجتمعية ناجمة عن استضافة المملكة للكثير من اللاجئين السوريين وغيرهم في ظل مشهد ضبابي للشرق الأوسط ودون أفق لحل النزاع الإقليمي بسبب تعنت إسرائيل ومطالبتها بضم وادي الأردن لتوفير حماية طبيعية لها للضغط على القيادة الأردنية من أجل تقديم المزيد من التنازلات.
القيادة الأردنية تستمد قوتها من الشعب لذلك فالأردن لديه أوراق مهمة يلعبها عند الضرورة بحكم موقعه الجيوسياسي. فتل أبيب تعي جيداً كيف كان للأردن دور كبير في إحباط العديد من محاولات التسلل إلى الداخل الإسرائيلي وكيف تصدى الأردن لأعوام طوال لحدود طويلة مع العراق وسوريا محبطاً العديد من العمليات الإرهابية ولأن الأردن لديه أطول حدود مع دولة إسرائيل، على القيادة الإسرائيلية التروي قبل الإقدام على أي خطوة من شأنها خلخلة المعادلة الأمنية بين الأردن وإسرائيل.
بلا شك أن الملك يسعى جاهداً بدبلوماسيته المعهودة بناء موقف عربي وإسلامي ودولي موحد لاختراق القرار الإسرائيلي إذ إنه لا يمكن تحقيق سلام عادل ودائم وشامل ما لم تأخذ تل أبيب مخاوف ومصالح الدولة الأردنية العليا بعين الاعتبار ولا يمكن حل المخاوف الإسرائيلية بتصدير الأزمات إلى دول الجوار.