النائب د. فايز بصبوص
في سياق استعدادي لاستكمال المقالة السابقة حول الممرات الإجبارية الثلاث وكان احد عناوينها الرئيسية أمن الطاقة. لم نتطرق خلال تلك المقالة إلى شرح مفصل حول أهمية المخزون الاستراتيجي لأمن الطاقة.
برز لقاء جلالة الملك مع شبكة سي بي اس الأميركية في برنامج free the nation وهي تعتبر من أوسع الشبكات الإعلامية انتشارا والتي تجري لقاءات لنخبة النخبة من القيادات العالمية من أجل الوقوف على رأيهم في سياق الأزمات الدولية وليست الإقليمية أي تلك الازمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين في هذا اللقاء بعث جلالة الملك رسالة عنوانها الشعب الأميركي ونخبة القيادات الدولية مفادها أن الأزمات العابرة للقارات والطبقات والتكوينات الاجتماعية ومؤسساتها الكلية الحكومية وغير الحكومية لا يمكنها أن تقف أمام أي طفرة أو تحول في الطبيعة أو في الوجود اذا ما كانت ترتكز في كل مراحل تطورها على البعد الإنساني كأولوية فوق كل الأولويات فقد قال جلالة الملك في هذا السياق (فها هي الطبيعة تلقننا درسا قاسيا هل نحن كجنس بشري وكشعوب نملك الوعي الكافي لندرك أهمية الاستجابة بالطريقة الصحيحة لخدمة الإنسانية ونتأكد ان الجميع يتلقى الرعاية لأن من يمتلك الموارد الكثيرة ومن يفتقر اليها سيعاني بنفس القدر) انتهى الاقتباس.
هنا وضع جلالة الملك العالم أمام مسؤولياته بعد أن تطرق بشكل واضح وشفاف حول الإنجازات الأردنية في محاصرة الفيروس من خلال الإجراءات الاستباقية والمواكبة اليومية لآليات ومفاعيل انتشاره، ونوه خلاله جلالة الملك إلى أن من محور الإنسان كأولوية استطاع أن يحد من الخسائر البشرية والإنسانية مقارنة في من رأى انقاذ المؤسسات قبل إنقاذ الإنسانية وترجمة لهذا الإنجاز الأردني نوه جلالة الملك إلى أن الأردن يقدم مساعدات مادية ونعني هنا أدوات صحية تنتج في الأردن بكفاءة عالية وتزيد عن حاجته في دعم الدول الأكثر حاجة وغير ذلك استعد الأردن لإرسال اطبائه إلى كل دولة تحتاج لتلك الخدمات وهذا قد حصل عندما تم تقديم الدعم للولايات المتحدة الأميركية.
كل ذلك قد اختصره جلالة الملك من خلال موازاته بالمسارات بين المكافحة والحفاظ على ديمومة المؤسسات الاقتصادية وان تكون كل السياسات القادمة للحكومة الأردنية من خلال برامجها تستهدف تخفيف العبء والتأثير على المواطن الأردني نتيجة لهذا الوباء الاستثنائي ولهذا فقد وجه جلالة الملك الحكومة الى الموضوع الأكثر مركزية وهو امن الطاقة الذي نوهنا له كممر اجباري في المقالة السابقة وهو بالفعل اعتبر مركزيا في الحراك الملكي الأخير عندما وجه الحكومة الى توسيع دائرة المخزون الاستراتيجي من الطاقة وذلك استغلالا لانخفاض أسعار النفط وانهيارها كما اقرأ الان على شاشة التلفزيون الأردني والذي يعتبر انهيارا كارثيا تاريخيا لذلك كله فان امن الطاقة وتوسيع دائرة المخزون الاستراتيجي هو عامل ضروري وحاسم في امتصاص الارتدادات الاقتصادية والاجتماعية التي ستترتب على وباء كورونا والانهيار الكارثي الذي يحصل في هذه اللحظة لأسعار النفط وهو لم يسبق له مثيل أن يقوم المنتجون بالدفع للمشترين لإبقاء عقودهم الآجلة قائمة وهذا قد نبه له جلالة الملك بان الذهاب لأنفاذ المؤسسات قبل الانسان سينجم عنه وقد نجم عنه تلك الفوضى والتي حددها جلالة الملك بالدرس القاسي لكل من يمارس العمل السياسي والنخب المغرورة بالرقم قبل الانسان في هذا الزمن الذي جل الصراع الحقيقي بين الانسان والثوابت القيمية والرقم والعدد وان الركائز التي تنطلق منها الرسالة الهاشمية وانسانيتها هي التي ابعدتنا عن ما لا يحمد عقباه لذلك فان الدرس الذي علمتنا إياه الطبيعة هو عولمة الإنسانية والسلوك السياسي الإنساني هو الذي يتصدى ويوقف عولمة الرعب وعولمة الموت الخارج عن حاجز النوع.