أ.د. محمد الرصاعي
قبل عامين وفي خطاب العرش وجه جلال الملك عبدالله الثاني الحكومة لتعزيز مرتكزات دولة الانتاج وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وقال حينها : " إن دولة الإنتاج التي نريدها تسعى لامتلاك العناصر التي تكرس استقلالها الاقتصادي" ، كما دعا جلالته في أثناء تفقده لمؤسسات تزويد الغذاء والدواء بالأمس إلى التوسع في إنتاج سلع غذائية محلياً، وزيادة القدرات لإنتاج الأدوية والمعدات الطبية.
رؤية جلالة الملك وتوجيهاته هي رسالة لنا جميعاً حكومة ومؤسسات وأفراد للبدء في تبني سياسات واستراتيجيات الانتاج والعمل بقوة على تعديل السلوك الاستهلاكي، فقد أظهرت أزمة انتشار وباء فيروس كورونا وفي ظل ما رافقها من تعطل لحركة التجارة العالمية وتوقف نقل البضائع وإغلاق الحدود في معظم دول العالم أهمية وضرورة الاعتماد على الذات في كافات المستويات وعلى جميع الصعد.
إنَّ قدرة الدولة على الصمود في وجه الأزمات والمصاعب ومواجهة المستجدات بمختلف أنواعها يعتمد بشكل أساسي على عاملين هما مستوى الوعي لدى المواطنين بالتعاطي مع الأزمات والمصاعب إلى جانب مستوى وجودة الإنتاج في الدولة واعتمادها على الذات وهذا ما تثبته اليوم تجربة أزمة كورونا.
ومن باب الإنصاف يمتلك الأردن قطاعاً مميزاً في إنتاج الأدوية وصناعتها ويعتبر قطاعاً منافساً على المستوى الدولي، كما تحظى الصناعات الدوائية الأردنية بسمعة مميزة وثقة كبيرة في معظم أرجاء العالم، وهنا نشير لدور ومساهمة القطاع الخاص في دعم مرتكزات دولة الإنتاج وهذا ما أشار له جلالته بالأمس عندما طلب من الحكومة دراسة انتاج سلع غذائية محلياً بالتنسيق مع الشركات والمصانع الوطنية.
وفق طروحات العديد من الخبراء سيواجه العالم في الفترات القادمة مصاعب كارثية قد تنجم عن الأوبئة، والتغير المناخي، والتدهور البيئي، في العالم، والتنافس على الموارد، الشيء الذي يتطلب التحول من نزعة الاستهلاك إلى سلوك الإنتاج والاستدامة، وهذا يلقي مهمات جديدة أو متجددة على كاهل المؤسسات الحكومية والتجارية والتعليمية والإعلامية بغية بناء ثقافة الإنتاج والاعتماد على الذات، من خلال بناء القدرات ورسم الخطط والسياسات، وبناء الوعي، والتركيز على المكتسبات الوطنية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعات الدوائية وسوق الطاقة المتجددة، والتفكير مجدداً في طرق أبواب جديدة في قطاعات الصناعة والانتاج التي قد تحظى بفرص استثمارية واقتصادية مجدية.
[email protected]