أ.د. محمد الرصاعي
في ظل الحالة الراهنة وما نعيشه ويعيشه العالم أجمع في مواجهة تفشي فيروس كورونا، يراقب الجميع بعناية بالغة كيفية إدارة هذه الأزمة التي باتت تتسبب في حالة هلع عالمي جراء سرعة تنامي أعداد الإصابات بالفيروس وكذلك حالات الوفاة، وإصابة العالم أجمع بشلل طال كل مرافق الحياة اليومية كالأسواق والمطارات ومؤسسات العمل والحدود، والزم الناس بيوتهم وقطع التواصل بين دول العالم لا بل بين المدن في الدولة الواحدة.
الأردن لم تَسلم من أثر هذا الوباء، وتعرض عدد من المواطنين للإصابة بالفيروس بسبب مخالطة مصابين غير أردنيين أو أردنيين قدموا للمملكة من الخارج، وإزاء هذا الوباء تعاملت الدولة الأردنية وعلى رأسها جلالة الملك، والحكومة، ومؤسسة الجيش العربي، وقوات الأمن العام بكفاءة عالية، وجدية بالغة، وما الإجراءات والتدابير التي رافقت هذه الأزمة والتي لمسها جميع المواطنين إلا دليل على ذلك، وقد لجأت دول عدة إلى اتخاذ تدابير مماثلة بعدما أدركوا نجاعة إجراءات الحكومة الأردنية في التعامل مع الوباء.
في الغالب عندما تأتي المصاعب والشدائد يأتي برفقتها ما يمكن أنَّ نوظفه للفائدة والمنفعة، وأولى هذه المنافع التي تحققت هنا في الأردن تجدد ثقة الناس بالأجهزة الحكومية والنظام الإداري للدولة وقدرته على التعامل مع التحديات والمستجدات، إضافة إلى أنَّ تنفيذ الإجراءات المتبعة في التعامل مع أزمة كورونا عملت على ضخ مزيد من الثقة بالجيش والأجهزة الأمنية، وفي ذات السياق تبين لنا أنَّ العقل الجمعي للأردنيين يفكر بوعي ويوجهه الحرص على سلامة المجتمع وحماية الوطن، غير أننا نعترف بوجود شيء من الخلل ظهر في سلوك بعض المواطنين في الاستجابة لتوجيهات الحكومة والجهات المعنية في الحفاظ على سلامتهم وإتباع التعليمات بهذا الخصوص، كما أظهرت الأزمة ضرورة أنَّ يعدل المواطنون سلوكهم الاستهلاكي وإدارة شؤون حياتهم وكذلك تنظيم أوقاتهم وجميع هذه المهارات هي متطلبات الحياة السليمة والمجتمع الراقي القادر على تجاوز الأزمات.
لقد عملت كورونا على امتحان التزامنا وقيمنا وقدرتنا على تنظيم أنفسنا وتماسك مجتمعنا الأردني، وطريقة تعاطينا مع الظرف الذي نمر به الآن، لقد منحتنا كورونا الفرصة لإعادة ترتيب وإدارة شؤون حياتنا كأفراد وجماعات، وعلى الصعيد العام يدفعنا اختبار كورونا أنَّ نواصل البناء على المنجزات الوطنية في قطاع الصحة والتعليم والإدارة المحلية والمضي قدما في تمكين مؤسساتنا الوطنية لتحقيق مزيد من التميز والكفاءة.
حمى الله الأردن قيادة حكيمة، وحكومة رشيدةً، وجيشاً باسلاً، وشعباً عظيماً.
[email protected]