لغاية الآن تتعامل الدولة مع الظروف الطارئة الخاصة بتفشي فيروس كورونا بنجاح لافت.
فمنذ بداية الأزمة عملت جاهدة على توفير المعلومة الدقيقة عن الفيروس، واتسمت بالشفافية والمصداقية في الإعلان عن الحالات المشتبه بها والمصابة، وشكلت لجنة متخصصة لتقديم النصح والإرشاد لأصحاب القرار، ووفرت مرافق أكثر من مقبولة لحالات الحجر والحجز الداخلي، وأسكنت المحجور عليهم صحياً من القادمين من الخارج في فنادق أربع وخمس نجوم، وأصدرت القرارات المناسبة فيما يخص تعليق الدوام والعمل بقانون الدفاع، والآن منع التجول.
تعامُل الدولة ليس كاملاً أو مثالياً، فالكمال لله، لكنّه تعامل يتسم بدرجة كبيرة من الاحتراف والمسؤولية والرّقي، والحرص الشديد على صحة المواطن وعلى كرامته.
والحق يقال اننا نشعر بفخر واعتزاز شديدين لكوننا مواطنين أردنيين بسبب تصرف الدولة الذي يرقى للتوقعات وأكثر.
أما وقد قامت الدولة وتقوم بما عليها، فالكرة الآن في ملعب المواطن.
نجاحنا في محاصرة الوباء والقضاء عليه، بإذن الله، هو الآن بيد المواطن؛ وفشلنا في التعامل معه، لا قدر الله، هو أيضاً بيد المواطن.
أملنا، لا بل ثقتنا، أن المواطن سيكون على قدر المسؤولية.
المطلوب من المواطن الآن، إضافة إلى النظافة الشخصية والحفاظ على المسافة والمساحة المطلوبتين عند الاضطرار إلى التعامل مع الآخرين، بمن فيهم أقاربه وأهل بيته، المطلوب شيء واحد لا ثاني له: الالتزام التام بالبقاء في المنزل وعدم الخروج إلا في الأوقات وللأسباب التي تعلنها الدولة.
الأمر جد خطير، فقد فتك الفيروس بالعديد من الدول الأقوى منا اقتصاداً وتكنولوجيا وأنظمة صحية. المطلوب منا عدم التفريط أو التهاون بأي شكل من الأشكال.
والحقية أن معظم المواطنين التزموا بالتوجيهات والتعليمات، لكن هناك أقلية مع الأسف لم تلتزم بعد ويبدو أنها لا تدرك خطورة الأمر.
من المهم أن تنصاع هذه الأقلية للأوامر والتوجيهات والتعليمات، وإن لم تقم بذلك من تلقاء نفسها فعلى الدولة إجبارها على ذلك بقوة القانون، لأن عدم انصياعها سيسبب، لا سمح الله، الضرر الكبير ليس فقط لها هي بل لغيرها وللمجتمع عموماً، ولأمن الوطن وأمانه.
ولا بد من التأكيد هنا أن للأقلية، لا بل للفرد الواحد، دورا حاسما إما في تفشي المرض أو محاصرته والقضاء عليه.
في معركتنا ضد فيروس الكورونا الجهود الجماعية مهمة جداً، لكن الجهد الفردي - جهد الفرد الواحد؛ جهد كل فرد منا - هو بأهمية الجهود الجماعية. في معركتنا مع الكورونا كل حالة تُصاب لها وقعها، وكلّ حالة تشفى لها وزنها؛ والمطلوب منا كمواطنين عدم الإسهام في ازدياد الحالات.
البقاء في البيت هو الحلّ. وليس هذا بالشيء الصعب؛ ولا عذر لمن لا يستطيع الاحتمال أو الالتزام.
المطلوب من كل المواطنين في هذه الظروف الحرجة تصفير المخالفات تصفيراً تاماً والالتزام الحرفي بما تمليه الدولة؛ والمطلوب من المسؤولين إنفاذ التعليمات والقوانين بلا تردد ولا هوادة.
وكلّنا مع الدولة في هذه المعركة المصيرية.
